للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ضدّين لا ثالث لهما (١).

والمعنى ملاءمة المكلف أحد الضِّدين الذي اختار وآثره على نقيضيه (٢)، مثل: أنهاك عن الحركة، أو السُّكون، أحببت أيهما شئت، ولا تأكل اللَّبن أو السمك، فقد منعتك عن أحدهما مبهمًا، لا عن كليهما جميعًا، ولا عن أحدهما معينًا، "خلافًا للمعتزلة"؛ إِذ منعوا ذلك. "وهي كالمخيّر" خلافًا وحِجَاجًا.

وفيها زيادة، وهي دعوى بعض المُخَالفين، كما نقل المَازِرِيُّ أن اللغة لم ترد بذلك قال: ألا ترى أن قوله سبحانه: ﴿وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ [سورة الإنسان: الآية ٢٤] محمول على أنه نهى عن طاعتهما.

قال المَازِرِيُّ: وهذا ليس بشيء، قال: ولولا الإِجماع على أن المراد في الشَّرْع النَّهي عن طَاعَة الجميع لم تحمل الآية على ذلك.

فاعلم (٣) أن القَرَافِيَّ فرّق بين الأمر المخيّر، والنَّهي (٤) المخيّر، بأن الأمر يتعلّق بمفهوم أحدها، والخصوصيات بتعلّق التخيير، ولا يلزم من إِيجاب المشترك إِيجاب الخصوصيات كما مضى.

وأما النهي فإِنه إِذا تعلّق بالمشترك لزم منه تحريم الخصوصيات؛ لأنه لو دخل منه فرد إِلى الوجود لدخل في ضمنه المشترك المحرم ووقع المحذور، كما إِذا حرم الخنزير، يلزم تحريم السَّمين منه والهَزِيل والطَّويل والقصير.

وتحريم الجمع بين الأختين، ونحوه، إِنما لاقى المجموع عينًا لا المشترك بين الأفراد،


(١) لما فرغ من مسائل الواجب شرع في مسائل المحظور، وهي في اللغة تطلق على ما كثرت آفاته، ومنه يقال: "لبن محظور" أي كثير الآفة - وعلى الممنوع، ومنه قولهم: "حظرت عليهم" أي منعتهم منه، ومنه الحظيرة.
وفي الاصطلاح: هو ضد ما قيل في الواجب، ومن أسمائه: المحرم والمعصية، وهي فعل ما نهى الله تعالى عنه. ينظر الشِّيرازي.
(٢) في ج، ح: نقيضه.
(٣) في ب: واعلم.
(٤) في حاشية ج: قف على الفرق بين النهي عن واحد لا بعينه والأمر بواحد لا بعينه والنهي عن المجموع، وهو فرق واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>