للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: كُلُّ مُبَاحٍ تُرِكَ حَرَامٌ، وَتَرْكُ الْحَرَامِ وَاجِبٌ، وَمَا لَا يَتِمُّ. . . . .

خلافًا للكَعْبيّ" (١) وشيعته حيث قالوا: المباح مأمور به، دون الأمر بالندب فالندب (٢) دون أمر الإيجاب، كذا نقل (٣) عنهم القاضي والغَزَالي وغيرهما.

ثم لا يقولون: إنه مأمور به باعتبار ذاته، بل باعتبار أنه يترك به الحرام. وقيل: بل أنكر المُباح في الشَّريعة رأسًا.

وهذا ما نقله عنه إمامُ الحرمين وابن برهان والآمدي وغيرهم، والأول عندي أثبت، وعليه جرى المصنّف.

"لنا: [أن] (٤) الأمر طلب، والطلبُ يستلزم الترجيح" ترجيح الفِعْل على الترك "ولا ترجيح" في المباح.

الشرح: "قالوا: كلّ مباح ترك حرام، وترك الحرام واجبٌ"، فيكون المباح واجبًا.

وإن قيل: ليس ترك الحرام فعل المباح، بل به يحصل.

قلنا: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ويؤول (٥) الإجماع" في انقسام الأحكام إلى الخمسة "على ذات الفعل" مع قطع النَّظر عما يستلزمه، وهي خمسة باعتبار ذاتها "لا بالنظر إلى ما يستلزم" من توقّف ترك الحرام عليه "جمعًا بين الأدلة" من جهته وجهتنا، ولا يمنع كون الشيء مباحا باعتبارٍ، واجبًا باعتبار آخر، كالواجب الحرام باعتبارين.

"[وأجيب بجوابين:


(١) ذهب الكعبي إلى أن لا مباح في الشريعة، وشق عصا المسلمين في ذلك. هذا نقل إمام الحرمين وابن برهان وغيرهما، وبنى مذهبه في ذلك على أصل هو أن الأمر بالشيء نهى عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده إن كان له ضد واحد كالحركة مع السكون، فإن كان له أضداد كان النهي عنه أمرًا بأضداده على سبيل البدل، فالنهي عن القيام أمر بواحد من القعود والاضطجاع والاستلقاء، قال: فما من شيء من هذه الأضداد إلا وهو من حيث الظر إلى نفسه واجب وإن ثبت التخيير بينها؛ لأن ذلك لا يخرجه عن حقيقة الواجب، كالواجب الموسع فهو واجب من هذا الوجه، ومباح مني حيث ثبوت التخيير فيه. ينظر: البرهان ١/ ٢٩٤، والمستصفى ١/ ٤٧، ومنتهى السول للآمدي ١/ ٣١.
(٢) في ج: والندب.
(٣) في ج: نقله.
(٤) سقط في ج.
(٥) في ج: تأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>