للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَخْصِيصُ أَحَدِهِمَا تَحَكُّمٌ بَاطِلٌ؛ لاِسْتِوَائِهِمَا.

قال أبو شامة (١): ولا يلتزم التَّوَاتر في جميع الألفاظ المختلف فيها بين القراء فَبَيَّنَ المصنف في كتب القراءات اختلافًا كثيرًا.

وإنما التواتر فيما أجمعت (٢) الطرق على نقله في السبعة، فذلك متواتر.


= كقولهم: فلان مالك الدبنار والدرهم، ولا يقال: ملك الدينار والدرهم، ولتضمنه معنى الفعل وجريانه عليه، ولذلك يعمل عمله، ولوصفه تعالى نفسه به في قوله: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ﴾، وبعضهم ذهبوا إلى أن "ملكًا" أولى من "مالك" لأن كل ملك مالك من غير العكس، ولمعاضة الإجماع على الضم في قوله تعالى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ يعني يوم الدين إياه؛ لأن الملك إنما يكون للملك لا للمالك، ولأن الرب هو المالك، فإذا قال: رب العالمين، ثم قال: مالك يوم الدين صار كأنه تكرار بخلاف ما لو قال: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ لمخالفتها معنى، والإتيان بكلمتين مختلفتي المعنى أو بكلمتين لا تستلزم إحداهما الأخرى كالرب للمالك أبلغ في النظم، وأحسن في المدح. ولا يخفى أن التخصيص من غير مخصمى إنما يلزم من الحكم ببعضية "ملك" دون "مالك" أو بالعكس لو لم يجز ترجيح كون البعض قرآنًا دون البعض بكونه أولى وأحسن بل يتعين الترجيح بإحدى الثلاثة، وهي صحة الإسناد، واستقامة وجهها في العربية، وموافقة لفظها خط المصحف المنسوب إلي صاحبها.
أما لو جاز الترجيح بغير هذه الثلاثة لم يلزم الترجيح من غير مرجح، وهو واضح غاية الوضوح. وأما بطلان التالي فظاهر؛ لأن كل ما هو قران متواتر على ما سبق. ينظر: الشيرازي ١٧٣ أ، ب/ خ، والبرهان للزركشي ١/ ٣١٨، الإتقان ١/ ٢٥٨، وشرح الكوكب المنير ٢/ ١٢٧، جمع الجوامع ١/ ٢٢٨، وتيسير التحرير ٣/ ١١، وفواتح الرحموت ٢/ ١٥، وشرح لب الأصول ص (٣٤) تقريب النشر ص (٣٤).
(١) عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان بن أبي بكر، شهاب الدين أبو القاسم المقدسي ثم الدمشقي، الفقيه، المقرئ، النحوي، المحدث، المعروف بأبي شامة، ولد سنة ٥٩٩، وأتقن فن القراءة على السخاوي، وأخذ عن الشيخين عز الدين بن عبد السلام، وابن الصلاح، وكان يقال: إنه بلغ رتبة الاجتهاد، قال الذهبي: وكتب الكثير من العلوم، وأتقن الفقه، ودرس وأفتى، وبرع في فن العربية .. " ومن تصانيفه: شرح الشاطبية، وكاب الروضتين وهو مطبوع وغيرهما. مات سنة ٦٦٥.
ينظر: طبقات ابن قاضي شهبة ٢/ ١٣٣، والأعلام ٤/ ٧٠، وطبقات السبكي ٥/ ٦١.
(٢) في أ، ت، ح: اجتمعت.

<<  <  ج: ص:  >  >>