للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية ٧]؛ لأَنَّ الخِطَابَ بِمَا لَا يُفْهَمُ بَعِيدٌ.

والمحكم: ما أطلعهم عليه.

قال: هذا هو المُخْتَار على طريقة السُّنة (١).

وقال المَاوَرْدِيّ: ويحتمل أن يقال: المحكم: ما كانت معاني أحكامه معقولة. بخلاف المُتَشَابه كأعداد الصلوات، واختصاص الصِّيام بـ"رمضان" دون شَعْبَان (٢).

وهذا منه ميل إلى أن ما يسميه بالتَّعَدِّي من الأحكام له معنى، ولكنا لم نطلع عليه وهي مقالة تُنَاسب المعتزلة.

ومنهم من لا يشترط ذلك في التعبُّدي، ويقول: يجوز ألّا يكون له في نفس الأمر معنى بالكلية.

وهذا هو الصواب، فالرَّبُ يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

وعدم [اتضاح] (٣) المعنى؛ "إما لاشتراك" مثل: ﴿ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٢٨]؛ "أو إجمال" مثل: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ﴾ [سورة النساء: [الآية ٤٣]- عند من يجعل اللَّمس مترددًا بين الوَطْء واللَّمس باليد؛ "أو "لأجل "ظهور تشبيه" مثل: ﴿يَدُ اللَّهِ﴾ [سورة الفتح: الآية ١٠]، ﴿وَجَاءَ رَبُّكَ﴾ [سورة الفجر: الآية ٢٢]، ونحو ذلك.

ولقائلٍ أن يقول: قد قلت: المُتَشَابه: ما لم يتضح.

ثم قلت: سبب عدم الإيضاح إما اشتراك، أو إجمال، أو ظهور تَشْبيه، والإجمال قد عرفته في باب المُجْمَل فقلت: ما لم [تتضح] (٤) دَلَالَتُه، فكأنك قلت: السَّبب في كونه غير متَّضح المعنى، أنه غير متضح المعنى فجعلت نفس الشيء سببًا فيه، وهو واضحُ الفَسَادِ.


(١) قال الشيخ أبو إسحاق: ليس في القرآن شيء استأثره الله بعلمه، بل وقف العلماء عليه؛ لأن الله - تعالى - أورد هذا مدحًا للعلماء، فلو كانوا لا يعرفون معناه لشاركوا العامة، وبطل مدحهم. وكذلك صححه سليم الرازي في "التقريب" واستدل بقوله تعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ [سورة هود: الآية ١] قال: فأخبر أن الكتاب كله فصلت آياته وبيّنت، وبقوله : "وبينهما متشابهات لا يعلمهن كثير من الناس" فدل على أن القليل من الناس يعلمها، وهم الراسخون، وقال ابن الحاجب: والظاهر الوقف على "والراسخون في العلم"؛ لأن الخطاب بما لا يفهم بعيد. ينظر: البحر المحيط ١/ ٤٥٣.
(٢) ينظر: النكت والعيون (١/ ٣٧٠).
(٣) في ج: اتضاح.
(٤) في ت، ح: يتضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>