للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

هريرة توضأ فغسل يده اليُمْنَى حتى شرع في العَضُدِ ثم قال: هكذا رأيت رسول الله "اعتبر" كونه دليلًا في حَقِّنا وبيانًا لنا "اتفاقًا وما سواه" وهو ما لم يتضح أنه بيان لنا "إن علمت صفته" في حقه من وجوب أو ندب أو إباحة "فأمته مثله.

وقيل": مثله إن كان "في العِبَادَاتِ" دون غيرها.

"وقيل": هو "كما لم [تعلم] " (١) صفته، وإليه ذهب القَاضي أبو بكر، فإنه إذا علمنا الوجه الذي وقع عليه الفعل لم يكن لنا إيقاعه عليه إلا أن يؤمر.

فأما أن يكتفى في إيجاب مثل ما وجب عليه علينا، أو ندبنا إلى مثل ما ندب إليه لعلمنا أنه فعله واجبًا أو ندَبًا فبعيدٌ.

قال أبو شَامَة: هذه المسألة لم يصورها القاضي، ولا الإمام، ولا الغَزَّالي، ولا ابن القشيري، ولا معظم المصنّفين في ذلك فيما علمت، ثم إن الإمام فخر الدين الرَّازي اختار الوقف فيها.

وأنا أقول: الفعل الذي فعله ، وعلمنا أنه فعله على طريق الوجوب، إن علمناه واجبًا عليه وعلينا، فلا حَاجَةَ إلى الاستدلال بفعله على أنه واجب علينا، بل مرجعنا إلى الدليل الدال على عدم خصوصيته.

وإن علمناه مختصًّا به، فقد تقدم الكلام فيما هو من خواصّه.

وإن شككنا، فلا دليل على الوجوب إلا أدلة القائلين بالوجوب فيما لم يعلم صفته، فلا حَاجَةَ إلى فرض هذه المسألة، وهي أنه معلوم الصفة، أو لا، وإن علمناه أوقعه ندبًا فهو على اختيارنا النَّدْب في مجهول الصِّفة، أو مباحًا، فهو (٢) الذي لم يظهر فيه قَصْد القُرْبَةِ وسيأتي، انتهى مختصرًا.

قلت: والمراد ما إذا شككنا بالنِّسْبة إلينا، وعلمناه بالنسبة إليه، وليس كمجهول الصفة؛ إذ لا يلزم من عدم الاقتداء، ثم عدمه هاهنا.


= بعضهم؛ لأن المسألة فيها خلاف قديم، قال في الإبانة: وقالت الخوارج: تقطع يد السارق من منكبه، وقال في المستظهري: وحكي عن قوم من السلف. ذكره الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير" (٤/ ٧١) وقال: لم أجده عنهما.
(١) في أ، ح: يعلم.
(٢) في ب: وهو.

<<  <  ج: ص:  >  >>