للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبكي كان في كنف والده، فطغت شهرة أبيه عليه، ثم لسبب آخر وهو نظام التعليم في ذلك العصر، والذي كان قائمًا على المدارس، والمساجد، وبيوت المشايخ، ولعلَّ الشيخ التاج لم يسعه وقته حيث كان قاضي القضاة بالشام، ليستقبل تلامذته في داره، ولعلَّ هناك سببًا آخر وهو موته صغيرًا، حيث توفي وله من العمر أربعة وأربعون عامًا، وأيّا ما يكن الأمر، فقد ذكر التاج ما يشير إِلى أن الصلاح الصفدي - خليل بن أيبك المتوفى سنة ٧٦٤ هـ، وهو في الأصل تلميذ أبيه يعني الشيخ تقي الدين السبكي - يشير إِلى أخذه عنه، وسؤاله له، قال في الطبقات عند ترجمته للصلاح الصفدي: "وكانت بيني وبينه صداقة منذ كنت صغيرًا، فإِنه كان يتردد إِلى والدي، فصحبته ولم يزل مصاحبًا لي إِلى أن قضى نحبه، وكنت قد ساعدته آخر عمره … وكانت له همة عالية في التحصيل، فما صنف كتابًا إِلا وسألني فيه عما يحتاج إِليه من فقه وحديث وأصول ونحو، لا سيما "أعيان العصر" فأنا أشرت عليه بعمله، ثم استعان بي في أكثره، ولما أخرجت مختصري في الأصلين المسمى "جمع الجوامع" كتبه بخطه، وصار يحضر الحلقة، وهو يقرأ عليّ ويلذ له التقرير، وسمعه كله علي، وربما شارك في فهم بعضه رحمه الله تعالى! " (١).

ويمكن عد الصلاح الصفدي من أقران التاج كذلك.

وقد ذكر الشوكاني في ترجمة "أبي المحاسن الحموي" أنه تفقه على التاج السبكي، فقال: يوسف بن الحسن بن محمد الحسن بن مسعود بن علي بن عبد الله الجمال أبو المحاسن الحموي الشَّافعي: المعروف بابن خطيب المنصورية، ولد سنة ٧٣٧ هـ، واشتغل بـ "حماة" وغيرها، فأخذ في الأصلين عن البهاء الإِخميمي، والفقه عن التقي الحصني والتاج السبكي وغيرهما، والنحو واللغة والفرائض والحساب والبيان عن ابن هانئ اللخمي المالكي، واشتغل بالحديث، فسمع وحصل وكان عارفًا بعدة علوم، ودرس وأفتى وصنف.

ومن مصنفاته "الاهتمام في شرح أحاديث الأحكام" … توفي سنة ٨٠٩ هـ (٢).


(١) تاج الدين السبكي: طبقات الشَّافعية الكبرى ١٠/ ٥ - ٦.
(٢) الشوكاني: البدر الطالع ٢/ ٣٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>