وقيل لهم في حديث سبرة الجهني: إن القول بأن النبيّ ﷺ حرمها إلى يوم القيامة معارض بما روي عنه أن النبيّ ﷺ نهى عن المتعة في حجة الوداع كما عند أبي داود. وترد هذه المناقشة بأن هذا اختلف فيه عن سبرة، والرواية عنه بأنها في الفتح أصح؛ لأنهم في فتح مكة شكوا للنبي ﷺ العزوبة، فرخص لهم فيها مدة ثم نسخها، وعلى تسليم صحة النهي عنها في حجة الوداع، فنقول: إن النبيّ ﷺ أعاد النهي في حجة الوداع ليسمعه من لم يكن سمعه قبل، فأكد ذلك حتى لا تبقى شبهة لأحد يدعى تحليلها. ويقال لهم في الإجماع: إنه غير مسلم؛ فقد ثبت الجواز عن ابن عباس كما ثبت عن جماعة من التابعين. ويجاب عن هذا بأن ابن عباس صح عنه أنه رجع عن القول بحل المتعة كما قدمنا؛ فانعقد الإجماع على تحريمها. وأما خلاف بعض التابعين، فإنه إن صح عنهم لم يضر بعد تقرر التحريم قبل حدوثهم. يتبين لنا من بيان الأدلة ومناقشاتها رجحان مذهب الجمهور من أن المتعة حرام، وهي من الأنكحة الفاسدة لقوة أدلتهم، وأنه لا عبرة بمخالفة الإمامية؛ لما تبين من بطلان ما تمسكوا به من الأدلة، ولقد أطلنا النفس فيها مع أن المقام مقام "أصول" لا "فقه" حتى نرد كيد المعتدين الآثمين في هذا العصر القائلين بالإباحة. (١) أسماء بنت أبي بكر الصديق ﵄، مهاجرية، جليلة، لها ستة وخمسون حديثًا. اتفقا على أربعة عشر، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بمثلها. روى عنها ابناها عبد الله وعروة ومولاها عبد الله بن كيسان وابن عباس وجماعة، وكانت تسمى ذات النطاقين. قال ابن إسحاق: أسلمت بعد سبعة عشر إنسانًا. قالت فاطمة بنت المندر: كانت أسماء تمرض المرضة، فتعتق كل مملوك لها. قال ابن إسحاق: توفيت بـ "مكة" سنة ثلاث وسبعين قال الذهبي: هي آخر المهاجرات وفاة. ينظر ترجمتها في: تهذيب (١٢/ ٣٩٧ رقم ٢٧٢١)، وتقريب: ٢/ ٥٨٩، والثقات ٣/ ٢٣، وأسد الغابة ٧/ ٩، وأعلام النساء ١/ ٣٦، والسمط الثمين ٢٠٢، والدر المنثور ٣٣، والاستيعاب ٤/ ١٧٨١، والإصابة ٢/ ٢٤٤، والكاشف ٣/ ٤٦٤، وتهذيب الكمال ١٦٧٧، وتاريخ البخاري الصغير ١/ ١٥٦، ١٩٢، والخلاصة ٣/ ٣٧٤، ٤٠٧، وحلية الأولياء ٢/ ٥٥. (٢) عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبيد الله بن عمر بن مخزوم، أبو سعيد الكوفي، صحابي له=