للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالأَوَّلُ: ضَرُورِيٌّ بِنَفْسِهِ؛ كَالْمُتَوَاتِرِ، وَبِغَيْرِهِ؛ كَالْمُوَافِقِ لِلضَّرُورِيِّ، وَنَظَرِيٌّ؛ كَخَبَرِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَرَسُولِهِ والْإِجْمَاعِ وَالْمُوَافِقِ للنَّظَرِ.

وَالثَّانِي: الْمُخَالِفُ لِمَا عُلِمَ صِدْقُهُ.

وَالثَّالِثُ: قَدْ يُظَنُّ صِدْقُهُ؛ كَخَبَرِ الْعَدْلِ، وَقَدْ يُظَنُّ كَذِبُه، كَخَبَر الْكَذَّابِ، وَقَدْ يُشَكُّ؛ كَالْمَجْهُولِ، وَمَنْ قَالَ: "كُلُّ خَبَرٍ لَمْ يُعْلَمْ صِدْقُهُ فَكَذِبٌ قَطْعًا؛ لأَنَّهُ لَوْ كَانَ صَادِقًا

صدقه، وإلى ما يعلم كذبه، وإلى ما لا يعلم واحدٌ منهما" (١).

"فالأول" قِسْمَانِ: "ضروري"، ونظري.

والضروري؛ إما ضروري "بنفسه" - أي: بنفس الخبر، فيفيد العلم الضروري بمضمونه من [غير التفات إلى شيء آخر "كالمتواتر"، "أو "ضروري "بغيره" - أي: استفيد العلم بمضمونه] من أمر وراء الخبر - وهو الموافق للعلم الضَّروري "كالموافق" من الأخبار "للضروري" - أي: للعلم الضروري مثل: الكُلّ أعظم من الجزء.

"ونظريٌّ: كخبر الله - تعالى - ورسوله "، "و "خبر أهل "الإجماع"، "و" الخبر "الموافق للنَّظر" الصَّحيح في القَطْعِيَّات، كخبر مَنْ وافق خبره خبر الصَّادق.

"والثاني": وهو ما علم كذبه، هو الخبر "المُخَالف لما علم صدقه" من الأقسام المذكورة.

"والثالث": وهو ما لم يعلم صدقه ولا كذبه، ثلاثة أقسام؛ لأنه "قد يظن صدقه؛ كخبر العدل، وقد يظن كذبه؛ كخبر الكَذَّاب، وقد يشكّ؛ كالمجهول".

"و" اعلم أن "من قال: كلّ خبر لم يعلم صدقه [فكذب] (٢) قطعًا؛ لأنه لو كان صدقًا لنصب عليه دليل" - يدلنا على صدقه - "كخبر مدعي الرِّسالة" - إذا كان كاذبًا في دعواه -، فإنه إذا لم يعلم صدقه يكون كاذبًا [قطعًا] (٣)، فقوله "فاسد"؛ لأنه معارض "بمثله في النقيض" - بأن يقول: كلّ خبر لم يعلم كذبه، فصادق قطعًا، وإلا لنصب على كذبه دليل قياسًا على دعوى المُتَنَبِّي، أو لجريان مثله في نقيض ما أخبر به إذا أخبر به آخر، فيلزم اجتماع النقيضين، ويعلم بالضرورة وقوع الخبر بهما.

"و" فاسد أيضًا من جهة "لزوم كذب كلّ شاهد" - أي: يلزم منه العلم بكذب كلّ شاهد لم


(١) في ح: منها.
(٢) سقط في ب.
(٣) سقط في ت، ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>