للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: شَهَادَةٌ فَيَتَعَدَّدُ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ خَبَرٌ.

قَالُوا: أَحْوَطُ.

أُجِيبَ بِأَنَّ الآخَرَ أَحْوَطُ وَالثَّالِثُ ظَاهِرٌ.

وقد [يؤخذ] (١) من هذا أن الشهادة عنده ليست خبرًا، بل إنشاء - وفيه كلام لسنا له الآن.

والحق عندنا: أن الشهادة ذات شَائبتين من الخبر والإنشاء.

"قالوا": اعتبار العَدَد فيهما "أحوط".

و "أجيب: بأن الآخر" - أي: اعتبار عدم العدد - "أحوط"؛ لاحتمال تضييع الأمر والنهي عند عدم اعتبار قَوْلِ الواحد، وذلك حيث لا يكون في القضية غير راوٍ واحد.

"و" المذهب "الثَّالث" دليله "ظاهر" من المذهبين.

وهنا نذكر لك حَقِيْقَةَ الفرق بين الشَّهادة والرواية، فإنه مهم.

وقد نقل القَرَافِي في "الفروق" أن المَازِرِيّ قال في "شرح البرهان": هما خبران غير أن المخبر عنه إن كان [عامًّا] (٢) لا يختص بمعين، ولا ترافع فيه إلى الحكام فهو الرواية.

وإن كان خاصًّا بمعين، والترافع فيه ممكن فهو الشهادة - ورأيت أنا كلام المَازِرِي - وبهذا فرق، غير أنه لم يذكر أنّ الشهادة خبر.

وإذا وضح لك وجه الفَرْق بين الشَّهادة والرواية - لاح مناسبة اعتبار العدد في الشهادة استظهارًا، دون الرواية، [وثبتت] (٣) على الأصلين التَّزكية فيهما.

ويحقق المُنَاسبة وجوه ذكرها شيخ الإسلام أبو محمد بن عبد السَّلام.

أحدها: أن الغالب من المسلمين مهابة الكَذِبِ على وسول الله بخلاف شهادة الزُّور، فاحتيج إلى الاستظهار فيها.


(١) في أ، ح: يوجد.
(٢) في ت، ح: عالمًا.
(٣) في ح: وثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>