للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَخْرُج عنْ أحوالِ الأدلَّة المُوَصِّلَة إِلى الأحْكام الشرعيَّة المَبْحوثِ عَنْها فيه، وأقْسَامِهَا، واختلافِ مَرَاتِبِها، وكيفيَّة استثمارِ الأحْكَام الشرعيَّة عَنْها على وجْهٍ كُلِّيٍّ، كانَتْ هي موضوعَ علمِ الأُصُول".

٢ - المذهبُ الثَّاني: وإِليه ذهَب الغزاليُّ؛ حيثُ يرى أن موضوعه هو الأحْكَام (١) فقطْ مِنْ حيثُ ثبوتُها بالأدلَّة، ويكونُ موضوع عِلْم الأصولِ حينئذٍ هو البَحْثَ عن العوارِضِ الذاتيَّة الثَّابتةِ للأحْكَام؛ لإِثباتها بالدليل.

٣ - المذهب الثَّالِث: ويُنْسَب إِلى صَدْر الشَّريعة الحنفيِّ؛ حيث يرى أن مَوْضُوع عِلْم أُصُول الفِقْه هو الأَدِلَّة والأحْكَام جميعًا؛ لأن جميعَ مباحِثِ أصُول الفِقْه راجعةٌ إِلى إِثْبَاتِ أعْرَاضٍ ذاتيَّة للأدلَّة والأحكام، من حَيْثُ إِثباتُ الأدلَّةِ للأحْكَام وثبوتُها بها (٢).

قال: "وإِذَا عُلِمَ أن جميعَ مسائِلِ الأصُولِ راجعةٌ إِلى قوْلنا: كلُّ حُكْم كذا يَدُلُّ على ثبوته دليلُ كَذَا، فهو ثابتٌ، أو كُلَّما وُجِدَ دليلُ كَذا دالًّا على حُكْمِ كَذا، يثْبُتُ ذلك الحُكْم، عُلِمَ أنَّه يُبْحَث في هذا العِلْمِ عن الأدلَّة الشرعيَّة والأحْكَام الكلِّيَّتَيْن مِنْ حَيْث إِنَّ الأُولَى مثبتةٌ للثانية، والثانية ثابتةٌ بالأُولى والمباحِثُ الَّتي ترجع إِلى أن الأُولى مُثْبِتَةٌ للثَّانِيَة، والثانية ثابِتَةٌ بالأُولى بعضُها ناشئةٌ عن الأدلَّة، وبعضُها ناشئةٌ عن الأحْكام، فموضوع هذا العلْمِ الأدلَّةُ الشَّرعيَّةُ والأحْكَامُ؛ إِذْ يُبْحَث فيه عن العَوَارِض الذاتيَّة للأدلَّة الشرعيَّة، وهي إِثباتها الحُكْمَ، وعن العوارض الذاتيَّة للأحْكَام، وهي ثبوتها بتلك الأدلَّة".

٤ - المذْهَب الرَّابع: وهو يُنْسَب إِلى ابْنِ قَاسِمِ العَبَّادِيِّ؛ حيث يرى أن موضوعَهُ: الأدلَّةُ والترجيحُ والاجْتهاد، يعني المرجِّحَاتِ وصفاتِ المُجْتَهد؛ وحُجَّته في ذلك: "أن عِلم أصول الفِقْه يُبْحَث فيه عن الأعْرَاض الذاتيَّة للتَّرْجِيح والاجتهاد أيْضًا، كالأدِلَّة، ولذلِك كانتْ مباحثُهُما في هذا العِلْم بالاتفاق".

وعلى هذا المَذْهَب ترجع مباحثُ الأحْكَام إِلى الأدلَّة.


(١) والأحكامُ: هي الوجوب، والنَّدب، والحُرْمَة، والكرَاهَة، والإِباحة، والسَبَبيَّة، والشرطيَّة، والمانِعِيَّة، والصِّحَّة، والفَسَاد.
ينظر: مرآة الأصول شرح مرقاة الوصول ١/ ٦٤، وتيسير التحرير ١/ ١٨.
(٢) ينظر: التلويح على التوضيح ١/ ٢١، وتيسير التحرير ١/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>