في آخر ولاية بني أمية خرج رجل من ذرية علي اسمه زيد بن علي، ولما خرج دعا الناس إلى بيعته؛ فجاءه الرافضة الذين في العراق فقالوا: نبايعك على أن تتبرأ من أبي بكر وعمر؛ وذلك لأنهم قد ارتسم في أذهانهم أنهما أكفر من أبي جهل وفرعون، فلابد أن يتبرأ منهما، ولكنه رضي الله عنه امتنع من ذلك وقال: هما صاحبا جدي فلا أتبرأ منهما، قالوا: إذاً نرفضك، فرفضوه؛ فمن ثم عرفوا بالرافضة، هذا هو اسمهم الذي ينطبق عليهم منذ ذلك الوقت، وهم الآن لا يعترفون به، بل يشنعون على من سماهم بهذا الاسم، مع أن الذي سماهم هو زيد، وهو ابن أحد أئمتهم، وهو زين العابدين علي بن الحسين أحد الأئمة الاثني عشر، أما الذين بايعوه فهم من سموا بالزيدية، والزيدية يوالون أبا بكر وعمر وأكثر الصحابة، ولكنهم يتبرءون من بني أمية، أما الذين خالفوه فهم المعروفون بالرافضة.
أما تسميتهم بالشيعة فهم الذين يطلقون هذا على أنفسهم وذلك ليتمدحوا به فيقولون: نحن من شيعة علي، ومعنى شيعته أي: أنصاره، والشيعة في الأصل هم: الأنصار والأعوان، كقوله تعالى:{وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ}[الصافات:٨٣] ، وقوله تعالى {هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّه}[القصص:١٥] يعني: أتباعه؛ لأن الشيع هم: الفرق الضالة الذين ذمهم الله تعالى بقوله: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[الروم:٣٢] فالأصل أنهم فرق كثيرة متشعبة، ومنهم الباطنية.