ومن شبهاتهم قولهم: إن صفات الله غيره، وهي أيضاً شبهة باطلة، فليست صفات الله تعالى غيره، بل صفاته من ذاته فنضرب مثلاً -ولله المثل الأعلى- المخلوق لا يقال: إن صفاته غيره، فإذا رأيت إنساناً فإنك لا تقول: جاء زيد ويداه ورجلاه ورأسه وبطنه وظهره وعيناه وأذناه، بل تقول: جاء زيد، وتدخل صفاته في ذاته وفي شخصه، فهو شيء واحد وشخص واحد بهذه الصفات، ولا يلزم من كونه ذا صفات أن يكون عدداً، فلا تقول: جاءني عشرة: عينان وأذنان ويدان ورجلان وشفتان، بل شخص واحد مسمى بهذا الاسم، فكذلك الله سبحانه وتعالى ليست صفاته زائدة على ذاته، بل صفاته من ذاته.
فإذا اعتقد المسلم أن الله موصوف بهذه الصفات التي هي صفات الكمال اعتقد مدلولها، فإذا اعتقد أن الله يغضب حذر من أسباب الغضب، وإذا اعتقد أنه يرضى فعل أسباب الرضا، وإذا اعتقد أنه الذي يحيي ويميت عبده وعرف حقه، وإذا اعتقد أنه هو الذي يفقر ويغني وأنه الذي يمنع ويعطي عرف أن العبادة لا تصلح إلا له، وهكذا، فمعرفة هذه الصفات تزيد العبد بصيرة في دينه، وتحمله على التمسك بدينه، وعلى الإكثار من التقرب إلى الله تعالى بحقوقه.