كان أول ظهور الباطنية في أوائل القرن الرابع، وقد استولوا على شطر هذه البلاد، فاستولوا على منطقة القصيم والأحساء والبحرين وما اتصل بها، وكان لهم قوة ونفوذ، وهم الذين قتلوا الحجاج في الحرم في سنة ثلاثمائة وسبعة عشر وهم يطوفون بالبيت، حيث قدموا في صورة حجاج ومعهم أسلحتهم ولما توسطوا في المسجد الحرام سلوا سيوفهم وأخذوا يقتلون الحجاج وهم في نفس الحرم، فجعل الحجاج يلوذون بالكعبة ويتعلقون بأستارها، ولكنهم جعلوا يقتلونهم، حتى كان يقول قائدهم: أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا وأخذ سترة الكعبة وشققها بين أصحابه، وقلع الحجر الأسود، وذهب به معه إلى بلاده التي هي القطيف، وبقي عندهم إلى سنة ثلاثمائة واثنين وثلاثين حيث ضعفت دولتهم، وقويت دولة الإسلام، وهددوا بأن يردوه وإلا غزاهم المسلمون وقتلوهم، فردوه وهم كارهون والحمد لله، وأعيد الحجر الأسود إلى مكانه، فهذه الطائفة من أكبر الطوائف ومن أكثرها ومن أخبثها؛ وذلك لأن بعض العلماء يقولون: إنهم يظهرون الرفض، ولكنهم كذبة، فظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، فهؤلاء طائفة منهم، ولا شك أن هؤلاء من ورثتهم الذين يظهرون أنهم مع المسلمين، وأنهم بين المسلمين، ويظهرون أنهم إخواننا كما يقولون، ويدعوننا إلى التقارب، ويدعون أنهم على الحق، وأن مذهبهم الذي يذهبون إليه هو مذهب كسائر المذاهب الفرعية وهي: مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد، وكذبوا بذلك؛ لأنهم مخالفون للمسلمين في العقيدة التي هي الأصل والأساس، فكيف يجمعون مع المسلمين؟! وكيف يأمنهم المسلمون؟! ولا شك أنهم يظهرون للمسلمين العداوة والبغضاء، ولعلكم تحفظون من الحكايات عنهم أكثر مما أحفظ، وبلغكم وبلغ أفرادكم أكثر مما بلغني.
إذاً: فهم أعداء لله وأعداء للإسلام والمسلمين، فلا يغتر بدعوتهم إلى ما يسمونه بالتقريب، ولا شك أن هذا كله كفر وضلال، فعلى المسلم أن يعرف أعداء الله ولا ينخدع بدعاياتهم وبأقوالهم وبما هم عليه، بل نأخذ حذرنا منهم.