قال الشارح رحمه الله: [وكذلك لما جاء أبو أوفى رضي الله عنه بصدقته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم وقال:(اللهم صل على آل أبي أوفى) .
فعلى رواية من روى:(كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم) لا يدخل فيهم لإفراده بالذكر، ولما كان بيت إبراهيم عليه السلام أشرف بيوت العالم على الإطلاق، خصهم الله بخصائص: منها: أنه جعل فيه النبوة والكتاب، فلم يأت بعد إبراهيم نبي إلا من أهل بيته.
ومنها: أنه سبحانه جعلهم أئمة يهدون بأمره إلى يوم القيامة، فكل من دخل الجنة من أولياء الله بعدهم فإنما دخل من طريقهم وبدعوتهم.
ومنها: أنه سبحانه اتخذ منهم الخليلين، كما تقدم ذكره.
ومنها: أنه جعل صاحب هذا البيت إماماً للناس، قال تعالى:{إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[البقرة:١٢٤] .
ومنها: أنه أجرى على يديه بناء بيته الذي جعله قياماً للناس ومثابة للناس وأمناً، وجعله قبلة لهم وحجاً، فكان ظهور هذا البيت من أهل هذا البيت الأكرمين.
ومنها: أنه أمر عباده أن يصلوا على أهل البيت، إلى غير ذلك من الخصائص] .
قد ذكرنا أن من أركان الإيمان: الإيمان بالأنبياء والرسل، وأن الأنبياء هم الذين أوحى الله إليهم، وأنزل عليهم شيئاً من شرعه، وأن منهم من كلفه الله بالتبليغ، وأمره بالدعوة، وجعل رسالته مؤكدة في أن يدعو إليها ويبلغها، وحذر من أرسل إليهم إذا لم يصدقوه أن يعذبهم، وأنزل عليه شريعة مستقلة، فهؤلاء هم رسل الله، نؤمن بهم، ومنهم أنبياء يوحي الله إليهم، ولكن لم يفردهم بشرائع خاصة، بل يحكمون بشرائع من قبلهم، ولكن ينزل عليهم الوحي، ويأمرهم الله فيه بأوامر تكون موافقة للأوامر التي أوحى بها إلى الأنبياء قبلهم، فهؤلاء أنبياء، وليسوا مكلفين بالدعوة العامة، ولم يعذب من كذبهم تعذيباً عاماً كالذين كذبوا المرسلين.
ورد في الحديث:(أن الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، وأن الرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر) ، الله تعالى ذكر في القرآن نحو خمسة وعشرين نبياً أو رسولاً، والبقية لم يقصصهم علينا، قال تعالى:{وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ}[النساء:١٦٤] ، أفضل هؤلاء الأنبياء المرسلون منهم، وأفضل المرسلين خمسة وهم أولو العزم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وعليهم وسلم، وأفضل هؤلاء الخمسة الخليلان: إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما، وأفضلهما محمد، وهو خاتم الرسل، وأفضل الأنبياء، وسيد ولد آدم.