ذكر المؤلف تلك الأبيات التي أنشدها أبو إسماعيل الهروي في آخر كتابه الذي سماه منازل السائلين، والذي شرحه ابن القيم في كتابه الذي سماه: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، وذكر هذه الأبيات في أول مدارج السالكين، وحرص على أن يحملها محملاً حسنا، ولكن فيها شيء من الإجمال، وفيها شيء من الإيهام؛ لأن ظاهرها أن الناس كلهم لم يوحدوا الله، ولا يقدر على توحيد الله إلا الله، فقوله: ما وحد الواحد من واحد إذ كل من وحده جاحد ظاهره أن كل الناس حتى الأنبياء لم يكونوا موحدين وإنما الله الذي وحد نفسه، ولكن حملوه على أن الإنسان لا يستطيع أن يعرف ذلك إلا بمعرفة من الله وتعريف منه، وحمله الاتحاديون على مذهبهم، واجتذبوا أبا إسماعيل رحمه الله إليهم، وأقسموا بالله جهد أيمانهم إنه لمنهم، وكلامه في الحقيقة موهم ولكن عقيدته سليمة وله مؤلفات تدل على أنه من أهل السنة، بينها العلماء في ترجمته.
وعلى كل حال فطريقة الرسل وأتباعهم والأئمة والعلماء هي معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته، وذكره بما ورد وبما أمر به وبما بلغته رسله، وبذلك يكون الإنسان من العارفين ومن الموحدين، دون أن يحتاج إلى معرفة الاصطلاحات الصوفية والشطحات، وتلك الكلمات التي ما أنزل الله بها من سلطان.