قال الشارح رحمه الله: [قوله: (ونرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم، ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم، ولا نشهد لهم بالجنة، ونستغفر لمسيئهم، ونخاف عليهم، ولا نقنطهم) .
وعلى المؤمن أن يعتقد هذا الذي قاله الشيخ رحمه الله في حق نفسه وفي حق غيره، قال تعالى:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَة أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً}[الإسراء:٥٧] ، وقال تعالى:{فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[آل عمران:١٧٥] ، وقال تعالى:{وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ}[البقرة:٤١] ، وقال تعالى:{وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}[البقرة:٤٠] ، وقال تعالى:{فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي}[البقرة:١٥٠] ومدح أهل الخوف فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَة رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ}[المؤمنون:٥٧-٦١] .
وفي المسند والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت (قلت: يا رسول الله! ((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)) [المؤمنون:٦٠] أهو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟ قال: لا يا ابنة الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف ألا يقبل منه) ، قال الحسن رضي الله عنه: عملوا -والله- بالطاعات، واجتهدوا فيها، وخافوا أن ترد عليهم، إن المؤمن جمع إحساناً وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمناً.
انتهى.
وقد قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَة اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة:٢١٨] فتأمل كيف جعل رجاءهم مع إتيانهم بهذه الطاعات! فالرجاء إنما يكون مع الإتيان بالأسباب التي اقتضتها حكمة الله تعالى] .