إذا أصاب الإنسان سيئة دنيوية، مصيبة أو بلاء أو مرض أو فقر أو فاقة أو موت قريب، أو حزن أو خوف، أو تشريد وتفريق، أونهب وسلب، أو تسليط أعداء، أو ما أشبه ذلك، فما سبب ذلك؟ لا شك أنه يدخل في هذه الأمور: إما أن يكون ذلك تكفيراً للسيئات، فالمؤمن يبتلى، فإذا كانت عنده سيئات سلط الله عليه المرض، وسلط الله عليه الخوف ونحو ذلك، كما في الحديث:(إن عظم الجزاء مع عظم البلاء) ، وفي الحديث أيضاً:(أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل) ، هذا سبب.
السبب الثاني: أن هذه المصائب والآفات التي تصيب الإنسان قد تكون تمحيصاً وتكفيراً للسيئات التي اقترفها، وذلك لأنه قد لا يأتي بحسنات تمحوها، فيسلط الله عليه الأمراض.
السبب الثالث: أنه ابتلاء وامتحان ليظهر من يصبر وممن يجزع، قال الله تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}[محمد:٣١] ، {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ}[البقرة:١٥٥] ، {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ}[آل عمران:١٨٦] .
إذاً: هذه المصائب هي بسبب الناس، سيئات اقترفوها، أو أعمال قصروا فيها، أو نحو ذلك، فالسبب منهم، والله تعالى قد يبتليهم بهذه الأشياء حتى يختبر قوة إيمانهم وصبرهم، وحتى يرفع درجات الصابرين، وحتى يكفر عنهم بعض سيئاتهم، أو يكون هذا الابتلاء اختباراً ليظهر من يشكر ممن يجزع.
فهذا ما ورد في معنى قوله:{مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}[النساء:٧٩] .