قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قوله: (آمنا بذلك كله وأيقنا أن كلا من عنده) .
أما الإيمان فسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى، والإيقان: الاستقرار.
من يقن الماء في الحوض: إذا استقر.
والتنوين في (كلا) بدل الإضافة، أي: كل كائن محدث من عند الله.
أي: بقضائه وقدره وإرادته ومشيئته وتكوينه، وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى] .
بعدما ذكر القضاء والقدر، وذكر الحكم والأمر والشرع، وذكر التنزه عن الضد والند وما أشبه ذلك مما تقدم من الأحكام ذكر أن هذا مما يجب الإيمان به واليقين، وكأنه يقول: لا يجوز الشك ولا التردد في شيء من ذلك؛ لأنه مبني على أصل قوي ودليل راسخ معتمد، فلا بد أن تؤمن بذلك كله وأن توقن بأنه من عند الله، أو تجزم وتصدق بكل ما صدق وبكل ما يأتي، وتتحقق أنه عقيدة وأنه يقين، وأن من شك فيه فقد ضل سواء السبيل، وتوقن وتجزم بصحته وأنه حق لا تردد فيه.
هكذا ينبغي لكل مؤمن، ويعم ذلك كل ما جاء به الشرع، فمثلاً القرآن من أوله إلى آخره نؤمن به ونوقن به، والكلمتان إحداهما تقوي الأخرى:(آمنت، أيقنت) ، وهما متقاربتان.
فاليقين هو عدم الشك، أي: أن لا يتطرق إليك تردد ولا شك في اعتقادك لذلك الأمر، والإيمان هو جزمك وتصديقك بذلك واعتقادك لصحته.
فكل ما جاء عن الله تعالى في القرآن آمنا به وأيقنا به، وكل ما جاء وبلغه الرسول عليه الصلاة والسلام فإننا نؤمن به ونوقن به، وكذلك نوقن بكل ما جاءت به الرسل وبكل ما أخبروا به، وأنه حق ويقين على حقيقته، وأن من شك في شيء من ذلك أو تردد فيه فإنه ممن لم يؤمن بالله حق الإيمان، ولم يتقبل الشريعة كما أمر بأن يتقبلها.