قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد تقدم ذكر اختلاف الصحابة في رؤيته صلى الله عليه وسلم ربَّه عز وجل بعين رأسه، وأن الصحيح أنه رآه بقلبه، ولم يرَه بعين رأسه، وقوله:{مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى}[النجم:١١] ، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}[النجم:١٣] صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا المرئي جبريل، رآه مرتين على صورته التي خُلِق عليها.
وأما قوله تعالى في سورة النجم:{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى}[النجم:٨] فهو غير الدنو والتدلِّي المذكورَين في قصة الإسراء؛ فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل وتدليه، كما قالت عائشة وابن مسعود رضي الله عنهما؛ فإنه قال:{عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى}[النجم:٥-٨] ، فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلِّم الشديدِ القُوَى.
وأما الدنو والتدلي الذي في حديث الإسراء فذلك صريحٌ في أنه دنوُّ الرب تعالى وتدليه، وأما الذي في سورة النجم أنه {رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}[النجم:١٣-١٤] فهذا هو جبريل، رآه مرتين: مرةً في الأرض ومرةً عند سدرة المنتهى] .