والصحيح أن الحوض في عرصات القيامة قبل أن يعبروا الصراط، لكن ورد في بعض الروايات أنهم (إذا نزلوا من الصراط نزلوا ظمأى، فيرِدون عليه كورود الناس التي على حوضها) ، ولعله يمتد أيضاً إلى طرف الصراط، فلا مانع من أن يكون معظمه في عرصات القيامة وقبل أن يركبوا الصراط، ثم بعدما ينزلون من الصراط يجدون له طرفاً، ثم بعد ذلك يشربون منه ويدخلون الجنة كما أخبر الله تعالى.
فيؤمن العباد بذلك وإن لم تدركه عقولهم، ويؤمنون بما أخبر به نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن هذا من كرامة هذا النبي عليه الصلاة والسلام، ومعلوم أنه يقف على الحوض وينظر من يرد عليه، وكذلك يكون معه ملائكة يأذنون في ورود بعض أمته، ويردُّون الذين ليسوا من الأمة حقاً.
فالذي يُردُّ يبقى على ظمئه وعلى جهده وعلى ما يلاقيه من الشقاوة.
والذين يردون يطمئنون بالشرب ويسعدون بذلك ويَعرفون أنهم من أهل السعادة ومن أهل الخير.
ولا شك أيضاً أن أهله الذين يردون عليه هم أهل السنة والجماعة، أهل الاتباع لا أهل الابتداع، ولأجل ذلك يُرد المبتدعة والمرتدون الذين أحدثوا، (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) ، فالذي يرجو أن يكون من أصحاب الحوض المورود ويرجو أن ينهل منه عليه باتباع السنة، وعليه بالتصديق بما جاء عن نبي الأمة، وعليه بالعمل الصالح، وتحقيق التصديق الذي التزمه، فبذلك يكون من أهل السعادة إن شاء الله.