للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سر قراءة سورتي الإخلاص وآيتي الإسلام والإيمان في سنة الفجر]

كان النبي صلى الله عليه وسلم في سنة الفجر يقرأ سورتي الإخلاص؛ وذلك لأن سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] فيها توحيد الذات والصفات، وأما سورة الكافرون ففيها توحيد العبادة، فتوحيد الله تعالى بأفعاله تضمنته سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١] ، وتوحيد الله تعالى بأفعالنا تضمنته سورة الكافرون أي: أن تكون أفعالنا لله وحده، طاعتنا ودعاؤنا وتوكلنا وخوفنا ورجاؤنا.

إذاً: فكونه يقرأ هاتين السورتين في سنة الفجر التي يستقبل بها النهار، كأنه يعاهد ربه أنني في أول هذا النهار أعبدك يا رب وأخصك بالعبادة، وأعتقد وحدانيتك وأنزهك عن صفات النقص.

وأما قراءته للآيتين من سورتي البقرة وآل عمران فتلك الآيتان يشتملان على خصال الإيمان وخصال الإسلام.

فالإيمان ذُكر في آية البقرة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:١٣٦] فجمعت الآية خصال الإيمان، يعني: آمنا بالرسل وآمنا بما أنزل إليهم؛ ولكن الإيمان يتبعه العمل، ولذلك ختمها بقوله: (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) .

وآما آية آل عمران ففيها التوحيد، يخاطب الله بها أهل الكتاب في قوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران:٦٤] وهي كلمة التوحيد {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران:٦٤] فختمها بالإسلام وأكد فيها التوحيد.

فكأن الإنسان إذا قرأهما في أول النهار يعاهد ربه على أنه مؤمن وأنه موحد.

ولقد تكرر معنا أن عقيدة المسلمين تنبني على أصول الإيمان التي بيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور لما سئل عن الإيمان فقال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) .