للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب تقوية الإيمان]

السؤال

إذا كان الإنسان ضعيف الإيمان، فنرجو من فضيلتكم أن ترشدنا إلى بعض الكتب المبسطة التي تقوي الإيمان في القلب؟

الجواب

عليكم بكتاب الله فإن فيه الأدلة الواضحة التي أقام الله بها الحجج والبراهين، وقد كنا نتعرض في الدرس لأمثلة من ذلك، ولا شك أن كتاب الله تعالى أوضح كتاب أقام الأدلة على الإيمان وما يقوي الإيمان، فمثلاً في سورة البقرة أول أمر أمر الله به هو العبادة، وأقام عليه ستة أدلة في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ} [البقرة:٢١] هذا دليل، {وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة:٢١] دليل ثاني {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ فِرَاشاً} [البقرة:٢٢] دليل ثالث، {وَالسَّمَاءَ بِنَاءً} [البقرة:٢٢] دليل رابع، {وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً} [البقرة:٢٢] دليل خامس، {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ} [البقرة:٢٢] دليل سادس، ففي هذه الآية ستة أدلة، وتأملوا أيضاً شرحها في تفسير ابن كثير، فقد ذكر عليها كثيراً من الإيضاحات.

وذكرنا في درس مضى أن المشركين لما نزل قوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [البقرة:١٦٣] قالوا: ما الدليل؟ فنزلت الآية التي بعدها وفيها بضعة أدلة وهي قوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [البقرة:١٦٤] ففيها عدة دلالات، وهذه أدلة واضحة.

وتجد كثيراً من السور متوالية وفيها عدد من الأدلة، فمثلاً في سورة المرسلات: {أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ كِفَاتاً} [المرسلات:٢٥] إلخ، وفي التي بعدها: {أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَاداً * وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً} [النبأ:٦-٧] إلخ، وفي التي بعدها: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [النازعات:٢٧-٢٨] إلخ، وفي التي بعدها قوله: {فَلْيَنْظُرْ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً * ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً} [عبس:٢٤-٢٦] إلخ، آيات وبراهين واضحة، وهي كثيرة مثل قوله في سورة الروم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ} [الروم:٢٣] ، {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [الروم:٢٣] ، {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ} [الروم:٢٣] ، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ} [الروم:٤٦] ، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ} [الروم:٢٥] إلخ، فهذه آيات فيها: براهين ودلالات، فتأملوا شرحها فإن فيها ما يقنع كل شاك أو كل متحير.

والعلماء بينوا أدلة واضحة على ذلك، وتجد كلاماً جيداً لـ ابن القيم في كتابه: مفتاح دار السعادة، أحيل من في قلبه شيء من الضعف أن يقرأ ما ذكره، حيث توسع رحمه الله في ذكر الأدلة، بقوله في فصول: تأمل كذا، ثم تأمل كذا، فيما يتعلق بخلق الإنسان، وفيما يتعلق بخلق الحيوان، وفيما يتعلق بالأفلاك، وفيما يتعلق بالمخلوقات علويها وسفليها، آيات عجيبة تدل على ما وهبه الله تعالى من الفطنة، وتدل على عجائب خلق الله تعالى.

وله أيضاً كلام على خلق الإنسان، الإنسان أقرب شيء إليه هو نفسه، عندما أتى على تفسير قول الله تعالى: {وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:٢٠-٢١] في سورة الذاريات في كتابه الذي سماه: أقسام القرآن، وهو مطبوع مشتهر، فتكلم على الآيات التي في الأرض، وبين عجائب ما فيها، ثم تكلم على الآيات التي في الإنسان، من خلق الإنسان وعجيب تركيبه، ذكر في ذلك نحو ثلث الكتاب، مع أنه تكلم فيه على آيات كثيرة، وذكر فيه تفاصيل الإنسان وكأنه وافق الذين يشرِّحون الآن، وأهل التشريح الآن يتعجبون من تركيب هذا العرق، ومن تركيب هذه العين، وما فيها، وهو ما أدرك ذلك بعينه ولكن رزقه الله فهماً، فتكلم على هذه التفاصيل بكلام عجيب، فهذا مثال.

والمتأخرون الآن قد ذكروا أدلة في بعض الكتب التي تؤلف للمناهج في العقائد، فيتكلمون على هذا ليقطعوا بذلك دابر الذين يشكون في التوحيد أو في وجود الخالق أو نحو ذلك، ويقيمون على ذلك أدلة، وهي كتب مناهج طبعت في بعض المدارس، فلو قرءوها لوجدوا فيها أدلة وبراهين، مع أنها تدرس في داخل المملكة وفي خارجها.

وكذلك أيضاً كثير من المؤلفين في هذا العهد أطلعهم الله تعالى على ما أطلعهم عليه من الدراسات الفلكية ونحوها، وألفوا في ذلك كتباً وفيها مقنع، أطباء تخصصهم إما في طب الإنسان أو الحيوان، وكذلك الدكاترة الذين تخصصوا في الأفلاك أو نحوها ألفوا كتباً كثيرة، فالمتأخرون والمتقدمون كتبوا في هذا ما فيه مقنع وفيه كفاية.