[لا يجوز موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب]
الذين يحبهم الله يجب أن تحبهم بقلبك، وتواليهم، وتعطيهم، وتقربهم، وتمدحهم، وتقتدي بهم، وتثني عليهم؛ لأن الله تعالى يحبهم، والذين يبغضهم الله تبغضهم، وتعاديهم، وتقاطعهم، وتبتعد عنهم، وتحذر منهم، وتذمهم، وتحذر من سيرتهم، وسنتهم، وعادتهم التي أصبحوا بها مبغضين لله، مبغوضين عند الله، ولو كانوا ما كانوا.
من الخصال التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مما يجب للمسلم على المسلم، في قوله: إنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه الثلاث المسائل: وذكر الثالثة منها: أن من أطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله، ولو كان أقرب قريب، واستدل بالآية التي في آخر المجادلة:{لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة:٢٢] لا تجد المؤمنين حقاً يوادون المحادين لله ورسوله أبداً، لا تجدهم يوادونهم، بل لابد أن يعادوهم ويقاطعوهم وينبذوا لهم قوس العداوة، ولو كانوا أقرب قريب، ولهذا قال:{وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ}[المجادلة:٢٢] يعني: أقاربهم الخاصين بهم، وما ذلك إلا أنهم لما أحبوا الله أبغضوا من يبغضه الله، فالذين عادوا الله، ولو كانوا أقارب عاداهم أولياء الله، ومقتوهم، وابتعدوا عنهم، وقطعوا الاتصال بهم.
أما أولياء الله فإنهم يحبونهم، ولو كانوا بعيدين في النسب، فصار بعضهم يؤثر أخاه المسلم على نفسه، ولو كان من فارس أو من الروم أو من البربر أو من الحبش أو نحو ذلك، فمثلاً: من الصحابة: بلال حبشي من الحبشة، وصهيب رومي من الروم، وسلمان فارسي من فارس، ولكن جمعت بينهم أخوة الإسلام ومحبة الله، فصاروا أخوة في ذات الله تعالى، يحب بعضهم بعضاً، ويؤثر بعضهم بعضاً، فهكذا تكون آثار هذه المحبة.
فلما أحب الله الصالحين، وأنت تحب الله أحببتهم، ولما أبغض الكافرين، وأنت تبغض ما يبغضه الله أبغضتهم، وكذلك الأعمال، فإن الله تعالى يبغض كثيرا ًمن الأعمال، يقول الله تعالى:{وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ}[البقرة:٢٠٥] ، {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}[الزمر:٧] ، {فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:٣٢] ، {إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ}[النحل:٢٣] ، إذا كان الله لا يحب هؤلاء فلا تحبهم، بل أبغضهم، انظر من يحبه الله؟ الله يحب التوابين، ويحب المتطهرين، ويحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص، ويحب أهل هذه الخصال، ويحب الأعمال الصالحة، ويحب من عباده أن يأتوها، فالذي يدعي المحبة لابد أن تظهر عليه آثارها وعلاماتها الواضحة.