مر بنا في العقيدة زيادة الإيمان ونقصانه، ودليل ذلك من الكتاب والسنة، وأنه قول أهل السنة والجماعة، والأدلة على ذلك، وفائدة الإيمان بزيادة الإيمان ونقصانه، وفائدة اعتقاد ذلك، والنقص والخلل الحاصل في إيمان من أنكر ذلك.
من اعتقد أن الأعمال من مسمى الإيمان فإنه يحرص على استكثار الأعمال الصالحة، ومن اعتقد أن الإيمان يزيد بالطاعة حرص على الاستكثار من أنواع الطاعات، ومن عرف أن إيمانه ينقص بالمعاصي ابتعد عن كل المعاصي حتى لا ينقص بها إيمانه؛ وذلك لأنه يحس أو يستحضر أنه كلما نقص إيمانه بسبب معصية ضعف يقينه، ونقص حظه من الآخرة ومن الأجر، فهو يبتعد عن هذه الآثام التي تكون سبباً في نقص الإيمان.
لا شك أن الإيمان إذا كان يقبل الزيادة فإنه يقبل النقصان، وقد ذكرنا بعض الأدلة التي تدل على زيادة الإيمان، والأمثلة التي تكون سبباً في زيادة الإيمان وفي نقصه، وأن الإنسان إذا استحضر أنه بالكلمة الطيبة يزيد إيمانه، وبالكلمة الخبيثة ينقص إيمانه، وبالنفقة في وجوه الخير يزيد إيمانه، وبالنفقة لغير الله ينقص إيمانه، وبسماع كلام الله وبسماع الخير ونحوه يزيد إيمانه، وبسماع اللغو واللهو والإثم ونحو ذلك ينقص إيمانه، وبالخطوات التي يخطوها إلى عبادة أو إلى مكان عبادة يزداد إيمانه، وبالخطوات التي يخطوها إلى إثم أو محرم ينقص إيمانه؛ من استحضر مثل هذا في جميع أعماله فإنه ولابد سيكون منتبهاً في كل لحظة، وفي كل عمل، إذا أراد أن يتكلم لم يقدم على الكلام إلا بعد أن يتحقق أنه خير، وأنه زيادة في إيمانه، وأنه يكتب له به حسنات، فيقدم عليه، وإذا أراد أن يتوجه إلى طريق وإلى مسير تفكَّر: هل له فيه خير؟ وهل هو إيمان أو كفر؟ وهل هو من شعب الإيمان أو من شعب الكفر؟ فلا يقدم إلا بعدما يتحقق أنه عمل بر وخير وهكذا في بقية الأحوال.