الإسلام جاء بجمع الكلمة والحث على الجماعة، فحثهم على الألفة فيما بينهم، والأسباب التي بها يتآلفون، ويتعارفون، ويتآخون كثيرة منها: أولاً: يتعارفون لأنهم مسلمون، ويتحابون لأجل الإسلام.
ثانياً: يتعارفون ويتآلفون؛ لأن قصدهم وهدفهم واحد، وهو أن كلاً منهم يطلب الأجر الأخروي، ويطلب النصر من الله تعالى على الأعداء.
ثالثاً: أن كلاً منهم يدين بدين واحد فيجمعهم هذا الدين، فإذا دانوا بدين واحد فإن عليهم أن يتحابوا في ذات الله تعالى، ويزيلوا الأسباب التي توقع بينهم العداوة والبغضاء، وبذلك يتآلفون ويتحابون فيما بينهم.
وكما أنهم مأمورون على اختلاف طبقاتهم وجنسياتهم أن يتحابوا وأن يجتمعوا ولو تفرقت بلادهم، ولو تناءت أماكنهم، فإنهم أيضاً مأمورون بمقاطعة أعدائهم، وبمباينتهم، وبغضهم، والابتعاد عنهم، وإذلالهم، سواء كانوا مبتدعة أو كفرة أو مشركين، فإنهم إذا رأوا منهم الغلظة والشدة والبغضاء والكراهية ذلوا وهانوا، وهانت عليهم أنفسهم، وعرفوا عزة الإسلام ورفعته وتمكنه وعزة أهله؛ فأذعنوا له وانقادوا إما طوعاً وإما كرهاً، وهذه الأمور مجربة في الأزمنة المتقدمة والقرون الماضية، فإن المسلمين كلما اجتمعوا وأظهروا لأعدائهم المقت والاحتقار ذل الأعداء وقوي الأولياء، وارتفعت كلمة الله، وانخفضت كلمة المشركين.