القسم الثاني: الذين يحكمون به وهم يعرفون أنه حرام، ولكن يقولون: لعذر، أو لضرورة، أو نحو ذلك، فهؤلاء عصاة، إلا إذا كانوا مضطرين.
كثير من المسلمين من الإخوان الصالحين يضطرون إلى السفر إلى بلاد تحكم بحكم الطاغوت الذي هو القوانين الوضعية، مع أن الذين يحكمون بها إما مسلمون وإما غير مسلمين، ويكون لأحدهم حق، وإذا كان له حق فماذا يفعل؟ يقول: هل أترك حقي يضيع أو أتحاكم إلى محاكمهم هذه التي هي قانونية، وأنا أعرف أني صاحب حق، وأنا أعرف أنهم يحكمون بحكم الطاغوت، ولكني مضطر إلى التحاكم إليهم؛ لعدم وجود حاكم شرعي، ولو تركت حقي لذهب علي، وهو قد لا يتساهل به؟ ففي هذه الحال هو معذور؛ حتى لا يضيع حقه، هو معذور إذا ترافع مع خصمه إلى أولئك الذين يحكمون بالقوانين، ومتى حكموا له أخذ حكمهم، وألزموه ضرورة؛ لأنه في بلادهم.
والحاصل أن الذي يحكم بها وهو يعلم أنها محرمة، ولكن يدعي أنه مضطر إليه أو أنها ذنب، وأنه لا يناسب في هذا الوقت، أو لا يخلص له حقه في هذا المجال إلا بهذا، فهو معذور، ولكن هو مذنب، حيث إنه تعاطى الشيء الذي اضطره إلى ذلك، وأما إذا كانت ضرورة فلعله معذور.