إذا خرجت الأرواح وهي باقية، فكيف مع ذلك تتعارف؟ ورد في الحديث:(الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) ، فهي أرواح ومع ذلك يلقى بعضها بعضاً، فكيف يعرف هؤلاء أن هذه روح فلان؟ لابد أنهم يعرفون الروح بميزة تتميز بها، حتى ولو كانت روحاً، والأجساد فيها علامة ظاهرة يتميز بها الناس، في صورته في طوله في قصره في شعره في وجهه في بياضه في سواده، والروح لابد أن لها هناك ميزة يعرفونه بها ويميزونه، فالصحيح أنها باقية، وأنها تتعارف، وتتآلف، وأنهم يلقى بعضهم بعضاً، جاء في بعض الأحاديث:(إذا مات الميت وخرجت روحه تلقاه الأموات الذين سبقوه، وقالوا: ما فعل فلان؟ فإذا قال: إنه قد جاءكم، يعني: قد مات، قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم وبئست المربية) ، إذا كان مات ولم يأتهم عرفوا أنه بعد موته شقي، وأنه ذهب به إلى دار غير دارهم، فدل على أن أرواح المؤمنين تجتمع، ويأتي بعضهم بعضاً، ويعرف بعضهم بعضاً، ويتفقد بعضهم بعضاً، ويفرحون بمن مات وجاءهم، وصار معهم في أرواح المؤمنين، ويحزنون إذا مات أحد ولم يأتهم، ويعرفون أنه ذهب به إلى غير موضعهم ومحلهم، وهو الهاوية التي هي دار العذاب، فكل ذلك دليل على أنهم يتلاقون، وأما مقرهم فالله أعلم هل هو في السماء أم في الأرض أم على أفنية القبور أو في الجنة أو في النار أو في بئر برهوت أو في بئر زمزم أو أي مكان؟ كل ذلك ليس عليه دليل يقيني، والذي تحقق بقاؤهم وتلاقيهم.