المبتدعة يتمسكون ببعض النصوص ويتركون بعضها، فيؤمنون بالمتشابه أو بالمجمل، ويجعلون مثل قول الله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] مرجعاً لهم، ولا يعتبرون بآخر الآية الذي فيه رد عليهم، فإن هذه الآية فيها رد على طائفتين:(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) رد على الممثلة والمشبهة الذين يجعلون لله مثلاً {وهو السميع البصير}[الشورى:١١] رد على المعطلة الذين أنكروا صفات الله؛ ومنها: السمع والبصر، فرد على الطائفتين ببعض آية، ولأجل ذلك كان هؤلاء المبتدعة والمعتزلة يسوءهم ما يقرءون في النصوص من إثبات الصفات، وقد مر بنا في هذا الكتاب أن أحدهم وهو ابن أبي دؤاد الذي تمكن من المأمون وأضله، طلب منه أن يكتب على كسوة الكعبة:(ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم) أراد أن يغير الآية؛ لأن فيها ذكر السمع والبصر، وهو لا يؤمن بإثبات ذلك صفة لله.
فدل على أنهم يأخذون ما يناسبهم ويتركون ما لا يناسبهم، بل يسلطون على ذلك بعض التأويلات، يزعمون أن العقل هو الذي عرفت به الشرائع وأدركت به صحة النبوات، فإذا جاءت الشرائع والنبوات بما يخالف ذلك العقل لم يقبل، هكذا عللوا.