قال المؤلف:[فإن أردت مزيد إيضاح لذلك، فاعلم أن أسباب الخير ثلاثة: الإيجاد والإعداد والإمداد، فإيجاد هذا خير وهو إلى الله، وكذلك إعداده وإمداده، فإذا لم يحدث فيه إعداد ولا إمداد حصل فيه الشر بسبب هذا العدم الذي ليس إلى الفاعل وإنما إليه ضده.
فإن قيل: هلا أمده إذ أوجده؟ قيل: ما اقتضت الحكمة إيجاده وإمداده وإنما اقتضت إيجاده وترك إمداده، فإيجاده خير والشر وقع من عدم إمداده.
فإن قيل: فهلا أمد الموجودات كلها؟ فهذا سؤال فاسد يظن مورده أن التسوية بين الموجودات أبلغ في الحكمة! وهذا عين الجهل! بل الحكمة في هذا التفاوت العظيم الذي بين الأشياء، وليس في خلق كل نوع منها تفاوت، فكل نوع منها ليس في خلقه تفاوت، والتفاوت إنما وقع لأمور عدمية لم يتعلق بها الخلق وإلا فليس في الخلق من تفاوت، فإن اعتاص عليك هذا ولم تفهمه حق الفهم فراجع قول القائل: إذا لم تستطع شيئاً فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع] .