ويدخل في ذلك أيضاً الاقتداء والتأسِّي، دليله قوله:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}[الأحزاب:٢١] ، وكلاهما علامة على صدق الإيمان به؛ فإن الله تعالى كما أمر بالإيمان بالله أمر بالإيمان بالرسول، ورتب عليه أجراً، فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ}[الحديد:٢٨] ، فأمر بتقوى الله والإيمان بالرسول، وجعل الثواب:{يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}[الحديد:٢٨] ، وكفى بذلك ثواباً.
وتقدم ذكر بعض الأدلة على ثبوت رسالة هذا النبي الكريم، فذكر الشارح قول خديجة لما أخبرها الخبر:(إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق) .
وذكر أيضاً قول ورقة بن نوفل لما قص عليه القصة:(هذا الناموس الذي أنزل على موسى، ليتني فيها حياً إذ يخرجك قومك، ثم قال: لم يأت أحد بمثل ما أتيت به إلا أوذي، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً) .
وهذا لأنه كان قد قرأ الكتب وعرف ما فيها من صفة الأنبياء.
وذكر أيضاً شهادة ملك الحبشة النجاشي لما سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه فقال: هذا والذي جاء به موسى ليخرج من إليم -يعني: من الله- أو: من مشكاة واحدة، فشهد له بأنه جاء بما جاء به موسى وعيسى والأنبياء قبلهما.
وذكر أيضاً قصة هرقل لما سأل أبا سفيان عن تلك الأسئلة التي استدل بها على أنه رسول من الله، وأنه صادق فيما جاء به، ولاشك أن هذه الشهادات تؤكد صحة ما جاء به، وأنه مرسل من الله تعالى.