[حكم الأحزاب والفرق الموجودة في عصرنا]
ما حكم الأحزاب والفرق الموجودة الآن في كثير من الدول الإسلامية، وقد تصل الأحزاب إلى عشرين أو إلى خمسين حزباً، وكل حزب يسجل أعداداً هائلة، ويحب أن يكون أكثر من الآخر؟! إذا نظرنا في تلك الأحزاب نجد كل حزب يتسمى باسم، ولا شك أنها لم ينزل الله بها سلطاناً، فهي فرق ضالة، يُنظر في معتقداتهم وما يميلون إليه.
فمنهم من يكون كافراً بحتاً كالشيوعيين، وفي بعض البلاد يكون لهم أحزاب إما واحد وإما عدد.
ومنهم من يكون معه شيء من الإسلام؛ ولكن ليسوا متمسكين به.
ومنهم من هم مسلمون؛ ولكن معهم شيء من المخالفة.
والجميع يعمهم أنهم أحزاب ومختلفون.
وهناك أحزاب في البلاد الإسلامية يتسمون بأسماء ظاهرها حسن، وأعمالهم فيها ما هو خطأ وفيها ما هو صواب، فمثلاً: جماعة التبليغ، هؤلاء فرقة نشئوا في الهند وفي الباكستان، وكان هدفهم أن يبلغوا الشرع، كما سموا بذلك أنفسهم، ولهم طريقة في الدعوة بمعنى: أنهم يقتصرون على بيان الفعل دون أن يوضحوا أو يدعوا بالقول غالباً، ويدعون الأفراد ولا يتكلمون في المجتمعات، لا في الخطب، ولا في المساجد العامة، ولا في محاضرات ولا غير ذلك، ورأوا أن هذه دعوة ناجحة.
أما طريقتهم في الدعوة فنقول: هكذا ظهر لهم، ولا نعيبهم في ذلك؛ لكن دخلت معهم فرق ضالة من الصوفية والقبوريين فأفسدوا عليهم دعوتهم، فالذين يتمسكون بالسنة ويعملون بها لا نعيبهم، والذين يصلون إلى بغض التوحيد بحيث لا يقرءون في كتب العقيدة ولا يقرون من يقرأ فيها، ولا يقرءون في كتب التوحيد، وبحيث أنهم يبايعون بعض رؤسائهم على الطاعة، وإن كان في خلاف الحق، وأنهم إذا كانوا في غير بلاد التوحيد يزورون المشاهد، ويعكفون عند القبور، ويتمسحون بها، ويقرونها، فمثل هذا لا يقره الإسلام.
وأما إذا لم يدخل معهم شيء من هؤلاء فلا بأس بهم.
وكذلك هناك طوائف في كثير من الدول الإسلامية، كسورية ومصر والسودان، ولهم أيضاً فروع في المملكة، ويتسمون بأسماء حسنة، ويهدفون إلى هدف واحد، ويدعون إلى دعوة واحدة، فمنهم من يسمون بالسلفيين، ومنهم من يسمون بجماعة أنصار السنة، ومنهم من يسمون أنفسهم بأهل التوحيد، والأسماء حسنة، والمقاصد متقاربة، والطرق تختلف، ولا يضر هذا الاختلاف، يعني: كون هؤلاء يفضلون طريقة، وهؤلاء يفضلون طريقة، هؤلاء مثلاً يفضلون الاقتصار على التأليف والنشر، وهؤلاء يفضلون الرحلات ودعوة الناس، وهؤلاء يفضلون الدعوة عن طريق المنابر والمساجد والحلقات والندوات والمحاضرات ونحوها، وهؤلاء وهؤلاء نقول: كل ذلك يصب في الدعوة ما دام أن المنهج سليم، ومناهجهم كما أخبرنا كثير منهم يدعون إلى العقيدة سواءً دعوا أفراداً أو أشتاتاً، يدعون إلى تحقيق التوحيد، ويحاربون البدع والشرك، فكلهم إن شاء الله على الخير، ولهم نشاط في كثير من البلاد الإسلامية، يوجدون حتى في غير البلاد العربية كالباكستان وغيرها، وفي البلاد البعيدة يُضطهدون ويُذلون، وذلك لأنهم يُتهمون في الهند والباكستان وغيرها، بل وفي بعض البلاد العربية؛ بكونهم وهابيين، وأنهم كفار وضُلَّال وما أشبه ذلك.
وعلى كل حال الإسلام أرشد أن يجتمع المسلمون، وأن يصيروا يداً واحدة، وألَّا يتفرقوا؛ لأنهم متى اجتمعوا واجتمعت كلمتهم فإنهم يقوون على مقاومة أعدائهم، ويصير لهم مكانة معنوية قوية، ويهابهم الأعداء والأضداد، ومتى تفرقوا ذلوا وهانوا، وهذا ما يريده العدو.
فنتواصى جميعاً بأن تجتمع كلمتنا متى رأينا من يخالف في منهج أو مسلك، ونحرص على أن نجمع بين المتخالفين، نقرب هذا ونقرب هذا، إلى أن يتآلفا ويصيرا يداً واحدة.
وهكذا أيضاً إذا رأينا من يعيب على بعض الطرق قلنا له: رويدك! ماذا تعيب عليهم؟ فإذا وجدنا أن ذلك العيب الذي يعيبه لا يبلغ أن يُهجروا لأجله، قلنا له: لا ينبغي لك أن تهجر إخوتك المسلمين أو مشايخك وعلماءك، ولا أن تسيء الظن بهم بمجرد هذا الفعل الذي لا يبلغ أن يكون ذنباً، بل هو إما اجتهاد، وإما قول مسلوك قد قاله من العلماء المتقدمين من قاله، فكيف تضلل بقولٍ هو محل اجتهاد.
وما يقع بين المسلمين في هذه البلاد وغيرها من هذا الاختلاف الذي سببه سوء الظن بكثير من المشايخ، حتى اتُّهموا بأنهم يحاولون الخروج، وبأنهم ضُلال، وبأنهم شر على الأمة من كذا وكذا لا شك أن هذا من وساوس الشيطان، وكيد الأعداء الذين يريدون أن يفرقوا بين المسلمين.
والواجب على شباب المسلمين وشباب الصحوة الذين انتبهوا وأقبلوا على ربهم أن يجتمعوا، وألَّا يخطئ بعضهم بعضاً إلا في الشيء الذي يكون خطؤه واضحاً، وأن يعذروا من رأوا منه شيئاً من النقص أو التقصير، ولا يشددوا ولا يتهموا إخوتهم أو علماءهم بمداهنة أو بنقص أو بتعمد خطأٍ أو نحو ذلك، بل يعذروهم ويقبلوا منهم عذرهم، وبذلك تجتمع كلمة المسلمين إن شاء الله.