وهناك ملائكة يحفظون العبد عن الأخطار والأضرار التي يتعرض لها، حتى يأتي الأمر الذي قدره الله فيخلون بينه وبينه، وهم المذكورون في سورة الرعد في قوله تعالى:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}[الرعد:١١] أي: يحفظونه بأمر الله، فإذا جاء الأمر الذي قدره الله فإنهم يخلون بينه وبينه، أما الأمور التي لم يقدرها الله عليه فإنهم يدفعون عنه الشرور، ويدفعون عنه الأضرار، ويدفعون عنه الاعتداءات التي ما كتبها الله تعالى، فهم أربعة: ملكان عن اليمين وعن الشمال يحفظون أعماله، وملكان أمامه وخلفه يحفظون جسده مما لم يكتب عليه، فيبيت بين أربعة، ويظل بين أربعة، فيوكل بكل إنسان ثمانية: أربعة بالليل وأربعة بالنهار، وهؤلاء هم الذين يتعاقبون.
وفي الحديث الذي تقدم:(يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة العصر وصلاة الفجر، فيعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون) ، فهذا من حفظ الله تعالى لأعمال عباده، فالله تعالى قادر على أن يحفظ كل أعمال العباد بدون وكيل وبدون كتابة، ولكنه أراد بذلك قيام الحجة على العبد حتى لا يقول: إني ظلمت، أو إني ما عملت كذا وكذا، بل يجد ما عمله كله مدوناً، فينشر له سجل بأعماله: حسناته وسيئاته، ويقال له:{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}[الإسراء:١٤] .