[أدلة عدم مشروعية إهداء ثواب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم]
أما ما يتعلق بالإهداء إلى رسول الله صلى عليه وسلم، فالشارح رحمه الله قد بين الحكم فيه، وذكر أنه لا يشرع أن تعمل عملاً وتقول: أجره لرسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كان قراءة أو صلاة أو ذكراً أو جهاداً أو غير ذلك، واحتج بدليلين: الدليل الأول: أنه لم يفعل في العهد النبوي، ولا في عهد الصحابة، ولم يكن أحد من الصحابة يعمل عملاً ويقول: أجره لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان خيراً لسبقونا إليه؛ وذلك لأنهم أعرف به، وأعرف بما يكون من شريعته، وأيضاً فهم الذين يحبونه ويؤثرونه على أنفسهم، وهم الذين شاهدوه، وصحبوه، وقاتلوا معه، وصلوا خلفه، وتلقوا عنه سنته، ومع ذلك فلم يهدوا إليه ثواب صلاة ولا صوم ولا صدقة ولا غير ذلك، إلا ما نقل عن علي رضي الله عنه أنه كان يضحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذكر أنه أوصاه بذلك، ولكن الحديث فيه ضعف.
وعلى كل حال فهذا دليل واضح، وهو عدم فعل السلف، يعني عدم الإفتاء منهم.
الدليل الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم ليس بحاجة إلى إهداء هذه الأعمال؛ وذلك لأن الله يكتب له مثل عمل كل عامل من أمته، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال:(من دعا إلى هدى كان له مثل أجور من تبعه، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه مثل أوزار من تبعه، لا ينقص ذلك من أوزارهم شيء) ، وقال:(من دل على خير فله مثل أجر فاعله) ، أليس نبينا صلى الله عليه وسلم هو الذي دل على الإسلام؟! وهو الذي دل على الحسنات والصالحات؟ وهو الذي دل على الصلات والصدقات؟ وهو الذي دل على الخيرات كلها، وحذر عن الشرور؟! إذاً: أنت متى صليت صلاة كتب لك أجرها تاماً، وكتب له صلى الله عليه وسلم مثل أجر تلك الصلاة، وإذا جاهدت كتب لك أجر جهادك كاملاً وكتب مثله لنبيك صلى الله عليه وسلم؛ لأنك اهتديت بدعوته، وكذلك إذا تصدقت بصدقة، أو ذكرت الله، أو دعوته، أو قرأت كتابه، أو ما أشبه ذلك، كتب أجرك كاملاً وكتب له صلى الله عليه وسلم مثله من غير أن ينقص أجرك.
إذاً: فهذا فضل الله عليه، فلا حاجة إلى أن يُهدى له، وأيضاً فأنت أحوج إلى عملك، وذلك لأنه عليه الصلاة والسلام قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، أما أنت فإنك بحاجة للأسباب التي بها تغفر خطاياك، وتمحى بها سيئاتك، ويرجح بها ميزانك، فكونك تهدي عملك له وهو غني، وتترك نفسك وحاجتك! هذا فيه شيء من الخطأ والغلط، هذا ما يتعلق بالمسألة الأولى.