ذكر الشارح أن قوم هود كأنهم أنكروا رسالته لما لم يأتهم بآية ومعجزة بينة، ولكن قرر الشارح آية هود ومعجزته التي أخذت من هذه الآيات في سورة هود، وهي قول الله تعالى حكاية عنهم:{مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ}[هود:٥٣] يعني بآية معجزة، ثم ظنوا أنه إنما به جنون! فقالوا:{إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ}[هود:٥٤] يعني: أن آلهتنا تسلطت عليك فأصبتك بجنون.
ولكنه رد عليهم هذا الرد المتزن الذي يدل على ثباته، فقرر أنه لا يخافهم ولو حصل اجتماعهم كلهم، حيث قال:{فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[هود:٥٥-٥٦] وتقدم تفصيل الشارح وتفسيره لهذا، وأخذه من كونه فرداً يتحدى أمة من أقوى الأمم حتى إنهم قالوا:{مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}[فصلت:١٥] وقد وصفهم الله بالجبروت في قوله: {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ}[الشعراء:١٣٠] .
فهذا شخص واحد يتحداهم ويقول لهم: ائتوا بكل كيد، ائتوا بكل حيلة إن كنتم تستطيعون! ولكنكم لا تستطيعون؛ لأني معتمد على الله، متوكل على الله ربي وربكم، والذي يأخذ بنواصي جميع الدواب، فكل الدواب مسخرة مذللة بأمره، فهذا ونحوه دليل على أن الله قوى قلبه وثبته وذلك أعظم من بقية المعجزات.
وبلا شك أن الله أيده بمعجزات أخرى لا ندري ما هي، لكن بهذا تقوم الحجة على العباد.