معلوم أن ولاة الأمور سابقاً كانوا هم الذين يخطبون بالناس، وكانوا هم الذين يصلون بهم الجمع والأعياد، فكان الخليفة أو أمير البلاد هو الذي يتولى الإمامة، وقد يكون فيه بعض من النقص، وبعض من الخلل، ولكنهم لما تولوا بالقوة، ولما كانت لهم سيطرة وسلطة وولاية؛ كانت طاعتهم واجبة؛ لما في مخالفهم ومعصيتهم من المفاسد الكثيرة، فإن معصية ولاة الأمور، ومخالفتهم، وترك الصلاة خلفهم، وتضليلهم، وترك طاعتهم؛ يسبب الشقاق، ويسبب الفتن، ويسبب الظلم والحبس والضرب والقتل، وتفريق الكلمة، وإساءة الظن، وما أشبه ذلك، فجاءت الشريعة بالسمع والطاعة لولاة الأمور، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم وغيره:(اسمع وأطع، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك) ، وما ذاك إلا لأن في الطواعية وفي الانقياد لهم جمعاً لكلمة المسلمين، وعدم تفريق لهم.
فإذا كان الوالي هو الذي يتولى الإمامة، ويتولى الخطبة، ويتولى الصلاة، ويتولى قيادة الجهاد، ويتولى إمامة الحجاج في عرفة وفي غيرها من المواقف، فإنهم يصلون خلفه، ولا يتركون الصلاة خلفه، وهذا فيما فإذا لم يوجد غيره، إذا كان المسلمون لا يصلون إلا في مسجد واحد، وإمام هذا المسجد هو هذا الأمير، وكان فيه شيء من النقص أو الخلل في دينه، من ارتكاب ذنب، أو إصرار على معصية، أو ترك لشيء من الطاعات أو نحو ذلك، فالصلاة خلفه أفضل من أن تصلي وحدك أو تترك الجمعة أو تترك الجماعة أو تترك العيد أو ما أشبه ذلك، هذا هو الواجب على المسلم.