[ضعف الأحاديث التي تدل على أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص]
قال الشارح رحمه الله: [وأما ما رواه الفقيه أبو الليث السمرقندي رحمه الله في تفسيره عند هذه الآية فقال: حدثنا محمد بن الفضل وأبو القاسم الساباذي قالا: حدثنا فارس بن مردويه قال: حدثنا محمد بن الفضل بن العابد قال: حدثنا يحيى بن عيسى قال: حدثنا أبو مطيع عن حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة قال: (جاء وفد ثقيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! الإيمان يزيد وينقص؟ فقال: لا؛ الإيمان مكمل في القلب، زيادته كفر، ونقصانه شرك) ؛ فقد سئل شيخنا عماد الدين ابن كثير رحمه الله عن هذا الحديث فأجاب: بأن الإسناد من أبي ليث إلى أبي مطيع مجهولون لا يعرفون في شيء من كتب التواريخ المشهورة.
وأما أبو مطيع فهو: الحكم بن عبد الله بن مسلمة البلخي، ضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعمرو بن علي الفلاس والبخاري وأبو داود والنسائي وأبو حاتم الرازي وأبو حاتم محمد بن حبان البستي والعقيلي وابن عدي والدارقطني وغيرهم.
وأما أبو المهزم -الراوي عن أبي هريرة - فقد تصحف على الكتاب، واسمه: يزيد بن سفيان، فقد ضعفه أيضاً غير واحد، وتركه شعبة بن الحجاج، وقال النسائي: متروك، وقد اتهمه شعبة بالوضع، حيث قال: لو أعطوه فلسين لحدثهم سبعين حديثاً!] .
هذا الحديث باطل، وضعه بعض الوضاعين، ورجال إسناده كلهم إما مجهول، وإما كذاب، وإما ضعيف، فلا يلتفت إليه، وليس بدليل.
ثم هو مصادم للنصوص، فإذا كان الآيات تدل على الزيادة فكيف يأتي الحديث بأنه لا زيادة؟! إذا كان الله يقول:{فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ}[التوبة:١٢٤] ، {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا}[الفتح:٤] ، {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}[مريم:٧٦] ، {فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}[آل عمران:١٧٣] ، كيف مع ذلك يأتي هذا الحديث ويكون من قول النبي صلى الله عليه وسلم؟! الرسول صلى الله عليه وسلم لا يخالف كتاب ربه، ولا يأتي إلا بما أوحي إليه، وقد أوحي إليه أن الشريعة فيها أعمال، وأن أعمالها إذا عمل بها العباد زاد بذلك إيمانهم، فلا يقول قائل: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، معتمداً على هذا الحديث الضعيف أو المكذوب.