[التشبيه والتعطيل وموقف أهل السنة منهما]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١] رد على المشبهة، وقوله تعالى: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١] رد على المعطلة، فهو سبحانه وتعالى موصوف بصفات الكمال، وليس له فيها شبيه، فالمخلوق وإن كان يوصف بأنه سميع بصير فليس سمعه وبصره كسمع الرب وبصره، ولا يلزم من إثبات الصفة تشبيه؛ إذ صفات المخلوق كما يليق به وصفات الخالق كما يليق به، ولا تنف عن الله ما وصف به نفسه وما وصفه به أعرف الخلق بربه وما يجب له وما يمتنع عليه وأنصحهم لأمته وأفصحهم وأقدرهم على البيان؛ فإنك إن نفيت شيئا من ذلك كنت كافرا بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وإذا وصفته بما وصف به نفسه فلا تشبهه بخلقه فليس كمثله شيء، فإذا شبهته بخلقه كنت كافرا به، قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس ما وصف الله به نفسه ولا ما وصفه به رسوله تشبيها.
وسيأتي في كلام الشيخ الطحاوي رحمه الله: (ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه) ] .
بعض الآية الذي هو قول الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:١١] رد على طائفتين متقابلتين: إحداهما غلت في الإثبات، وهم الممثلة المشبهة.
والأخرى غلت في النفي وهم المعطلة النفاة.
فرد الله على الأولى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:١١] أي: لا تجعلوا لله مثلاً.
فليس له مثل في صفاته ولا في ذاته ولا في أفعاله، لا في صفاته الفعلية ولا في صفاته الذاتية، أي: لا يشبهه شيء.
وذلك لأن الذين غلوا في الإثبات وجعلوا يد الله كأيدينا وسمعه كأسماعنا.
أو قالوا: إنه يسمع بكذا وبكذا.
أو: إنه ينظر بكذا وما أشبه ذلك مما غلوا فيه إلى أن أثبتوا له خصائص المخلوقين لا شك أنهم قد وقعوا فيما هو كفر، ولهذا يقول نعيم: من شبه الله بخلقه فقد كفر.
ويقول آخر: المشبه يعبد صنماً، والمعطل يعبد عدماً، والموحد يعبد إلهاً واحداً فرداً صمداً, وهو الموحد الذي يثبت لله الصفات ويجعلها لله وحده لا يشبهه فيها شيء، وفي ذلك أيضاً يقول ابن القيم: لسنا نشبه ربنا بصفاتنا إن المشبه عابد الأوثان كلا ولا نخليه من أوصافه إن المعطل عابد البهتان والمعطل: هو الذي ينكر صفات الله، والذي ينفي أن الله متصف بصفات الكمال كالسمع والبصر والعلم المحبة والرحمة، وصفات الذات كاليد التي أثبتها لنفسه أو اليدين وكالعين والوجه وما أشبه ذلك من الصفات.
ولا شك أن من نفى ذلك فقد عطل الله تعالى، وتعطيل الصفات يلزم منه تعطيل الذات، فكأنه لم يثبت إلهاً يعبد.