للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإنس والجن فيهم خير وشر]

القسم الثالث: الإنسان، وقيل: الثقلان -الجن والإنس- فهؤلاء فيهم خير وفيهم شر، فمنهم من يغلب خيره، أو يكون كله خيراً، وهم الأنبياء وورثة الأنبياء والأتقياء والعباد والزهاد، والمؤمنون صادقو الإيمان؛ فهؤلاء يحميهم الله عن السيئات وعن الكبائر والآثام فلا يقربونها، ويحفظون أوقاتهم كلها بالطاعة، ويتقربون إلى ربهم بأنواع العبادة، فهؤلاء يلحقون بالملائكة.

ومنهم من يكون بضد ذلك، فهم أشرار وكفرة وفجرة وفساق خارجون عن الطاعة، لا يألفون العبادة ولا يحبونها، ويألفون الكفر والفسوق والعصيان، ويتلذذون بالمعصية وينفرون عن الطاعة، فهؤلاء لا شك أنهم يلحقون بالشياطين، ويكونون منهم ومن أتباعهم، ويدخلون في قول الله تعالى لإبليس: {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص:٨٥] ، وفي قوله: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [الشعراء:٩٤-٩٥] ، فهذا القسم ملحق بالشياطين.

وأيضاً: هناك قسم ثالث تغلب عليهم الحياة البهيمية، وهم الذين يجعلون عقولهم تبعاً لما يشتهونه، فيسخرون عقولهم للشهوات البهيمية الدنيئة؛ فهؤلاء ملحقون بالبهائم، ولكنهم أقرب إلى من عبد هواه، والله تعالى قد أخبر بأن هناك من يعبد الهوى: {أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية:٢٣] ، وفي الأثر: (ما تحت أديم السماء إله يعبد شر من هوى متبع) ، والذي يعبد هواه هو الذي لا يشتهي شيئاً ولا يهوى شيئاً إلا ركبه.

فانظر أي الأقسام أحسن؛ فاختر أن تكون منهم.