الصغائر قد تكثر على الإنسان، فإن كان مصراً عليها، ومكثرا ًمنها، لم يأمن أن تهلكه، تجتمع عليه من كل جهة فتهلكه، وإن كانت متفرقة ويسيرة من غير إصرار فإن الله تعالى يغفرها بالأعمال الصالحة، والحديث الذي ورد في التحذير من الكبائر يفهم منه أنه في المصر عليها، قال صلى الله عليه وسلم:(إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه) ، ثم ضرب لها مثلاً بقوم نزلوا في فلاة، فحضر جميع القوم، فجعل هذا يأتي بعود، وهذا يأتي بعود حتى جمعوا حطباً كثيراً، فأوقدوا فيه ناراً، فأنضجوا خبزتهم، يعني: أن الذنوب الصغيرة: كلمة، ونظرة، وسمعة، وبطشة، وأكلة، ونحو ذلك، فإذا كانت كثيرة اجتمعت على الإنسان وأحدقت به وأهلكته، كما أن القوم إذا اجتمعوا وهم كثير وجاء هذا بعود وهذا بعرق مع أن الأرض صحراء ليس فيها حطب، فلكثرتهم يجمعون ما يوقدون به حتى ينضجوا طعامهم، فهذا يبين أن الإنسان لا يأمن من الإصرار على الذنوب الصغيرة حتى لا تهلكه وتوقعه في العذاب، أو تؤهله بأن يكون من أهل الوعيد، ومن أهل العذاب الشديد والعياذ بالله.
وبلا شك فإن التهاون بها والإكثار منها يدل على عدم الاهتمام بتحريم الله وبنهيه، أما الذي يحذرها ويتركها خوفاً من الله؛ لأن الله نهى عنها وحرمها، فهو الذي يستحضر عظمة الله، ونهيه وتحذيره.