للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[يسر الإسلام وسهولة تعلمه]

دين الإسلام دين يسير سهل، تعاليمه يسيرة قريبة التناول، كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه أصحابه في لحظات وفي أوقات يسيرة، فيتعلمونه، فيخرج أحدهم معلماً ومبلغاً.

وفد عبد القيس علمهم أركان الإسلام، وعلمهم بعض المحرمات؛ ولكنهم فهموا بلغتهم وبسليقتهم وفطرتهم بقية الشريعة، فعلمهم الشهادتين، وعرفوا معناها وما تستدعيه كل واحدة منهما، بمجرد ما قالوا: لا إله إلَّا الله، محمد رسول الله؛ عرفوا معنى (لا إله إلَّا الله) فلم يعبدوا غيره، وعرفوا معنى (محمد رسول الله) فأطاعوه ولم يعصوه.

وأما الصلاة فإنهم صلوا معه يوماً أو يومين أو أياماً قليلة، وعرفوها.

وكذلك الزكاة بعث إليهم من يعلمهم في بلادهم، ومن يأخذ منهم الزكاة المفروضة.

وكذلك الصوم، والحج بمجرد ما أخبرهم.

وكذلك المحرمات، مجرد ما يقول: حرم عليكم كذا وكذا يعرفون، فالجلسة والجلستان في تلك الحلقات العلمية يصبح بها أحدهم عالماً، بينما أحدنا في هذه الأزمنة يبقى عشرين سنة ومع ذلك لا يأتي على جميع العلوم لقصر الأفهام، ولتغير الألسن والاستعمالات، وتغير اللغات واللهجات المحدثة البعيدة عن الأصل، فصار الواحد لا بد أن يبذل وقتاً في تعلم الكلمات، ثم يتعلم معانيها بعد حفظ الكلمات، ثم بعد ذلك يتعلم مدلولات واصطلاحات العلوم الشرعية.

ذكر الشارح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم كلاً بما هو أهم شيء عنده، ولأجل هذا اختلفت أجوبته، يُسأل سؤالاً واحداً ويجيب بعدة أجوبة، فإذا قيل له: ما أفضل الأعمال؟ فتارة يقول: (قل: آمنت بالله ثم استقم) ، وتارةً يقول: (من سلم المسلمون من لسانه ويده) ، وتارةً يفسره بأنه: (أن تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) ، وتارةً وتارةً وذلك لأنه يخاطب كلاً بما يرى أنه مناسب له، وأنه أهم له وأولى بأن يهتم به ويتأثر به أفضل من غيره.

فالجميع واحد، والمؤدَّى واحد، وذلك لأنها تعتبر من خصال الإسلام والإيمان، وهي العقائد والعبادات ونحوها.

وعلى كل حال: فالمسلمون يدينون بهذا الدين، ويعتقدون هذه الشريعة، ويتبعونها، ويعرفون أنه ليس فيها تعقيد، ولا صعوبات، لا في علومها ولا في أعمالها.

فالعلوم: سهلة ويسيرة؛ ولكنها تحتاج إلى تعقُّل، قد يقول القائل: إنني بذلت وتعلمت ولم أصِر عالماً! نقول: لأنك أولاً: لم تقبل على العلم بكليتك؛ بخلاف الصحابة، فإن أحدهم كان يقبل على العلوم بكليته وبقلبه وقالبه، فيتعلمها في يوم أو في أيام أو في عشرين يوماً كما في حديث مالك بن الحويرث.

ولأنك ثانياً: لم تطبق ولم تعمل مباشرة، وذلك لأن الإنسان الذي يسمع الكلمات ويعرفها؛ ولكنه لا يطبقها في حينه، تذهب من ذاكرته، ينساها بعد مضي سنة أو شهر أو نحو ذلك؛ بخلاف من إذا أراد التعلم، وتفرَّغَ له وأقبل بقلبه، ثم كلما تعلم شيئاً كرره وعمل به، فإنه يمكن أن ينال العلم ويكون عالماً في وقت قصير.

ومعلوم أيضاً أن العلوم كثيرة؛ ولكن يُبدأ منها بما هو الأهم، فالإسلام يعم الأعمال التي فعلها من الدين، والأعمال التي تركها من الدين، والمباحات ونحوها، وهذه كلها داخلة في مسمى الإسلام، ومعرفتها يسيرة، والحمد لله أن المسلمين الذين خرجوا من بين أهلينا من بنين وآباء وعلماء ومشايخ كلهم يدينون بالإسلام وبالعقيدة السلفية، ولا يخفى عليهم شيء من تعاليم هذا الدين.