[خلاف أهل السنة والحنفية في زيادة الإيمان ونقصانه]
قال الشارح رحمنا الله تعالى وإياه: [والأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه من الكتاب والسنة والآثار السلفية كثيرة جداً؛ منها: قوله تعالى: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[الأنفال:٢] ، وقال تعالى:{وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}[مريم:٧٦] ، وقال تعالى:{وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}[المدثر:٣١] ، وقال تعالى:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}[الفتح:٤] ، وقال تعالى:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران:١٧٣] .
وكيف يقال في هذه الآية والتي قبلها: إن الزيادة باعتبار زيادة المؤمن به؟ فهل في قول الناس:(قد جمعوا لكم فاخشوهم) زيادة مشروع؟! وهل في إنزال السكينة على قلوب المؤمنين زيادة مشروع؟! وإنما أنزل الله السكينة في قلوب المؤمنين مرجعهم الحديبية ليزدادوا طمأنينة ويقيناً، ويؤيد ذلك قوله تعالى:{هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ}[آل عمران:١٦٧] .
الإيمان: قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، وهذه الجملة (يزيد وينقص) محل خلاف بين أهل السنة وبين الحنفية وكذلك غيرهم من المبتدعة، فإنهم كالمرجئة والجهمية لا يرون الأعمال من مسمى الإيمان، ولا يرون زيادة الإيمان ولا نقصه، ويعتقدون أن أهله في أصله سواء، وأن تفاضلهم إنما هو بالدرجات في الآخرة، أو بالأعمال، وإلا فالأعمال عندهم زائدة عن الإيمان، ويرون أن الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص، هكذا قالوا.
وأهل السنة يرون أن الإيمان يزيد وينقص، وقد ذكرنا فيما سبق أن على الإنسان أن يحرص على زيادة إيمانه، وأن الكلمة الطيبة تزيد إيمانه، والكلمة الخبيثة تنقص إيمانه، والدرهم الذي ينفقه في سبيل الله وفي وجوه الخير يزيد به إيمانه، وإذا أنفقه في المعاصي نقص إيمانه، والخطوات التي يسيرها إلى الخير وإلى أماكن الخير كالمساجد ونحوها تزيد إيمانه، وإذا خطا إلى اللهو وإلى اللعب وإلى الباطل نقص بذلك إيمانه وهكذا بقية الأعمال.