الذي حمل الجهمية على القول بخلق القرآن هو إنكارهم للصفات، ولما أنكروا الصفات أصبحوا معطلة، ولما عطلوا الله عن هذه الصفات وصفهم السلف بالكفر، وقد ذكرنا أن ابن القيم رحمه الله صرح بتكفيرهم عن جماهير العلماء، يقول في نونيته: ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان واللالكائي الإمام حكاه عنـ هم بل حكاه قبله الطبراني خمسون في عشر، خمسون من العلماء، تضرب في عشرة فيكون خمسمائة عالم، وذكرنا أن اللالكائي نقل ذلك عن جمع كبير من العلماء أنهم كفروا من قال بخلق القرآن، ومن غلا في نفي الصفات، وكتابه مطبوع متداول -ويسمى (شرح أصول السنة) - في عدة مجلدات.
اللالكائي إمام من أئمة أهل السنة، نقل بأسانيده هذه الأقوال عن سلف الأمة: أنهم كفروا من قال بخلق القرآن.
وقد اشتهر أن أول من أظهر ذلك هو الجعد بن درهم، ولما نفى أن يكون الله تعالى متكلماً، وأن يكون القرآن كلامه، صرح بأن الله لم يكلم موسى تكليماً؛ فقتله أمير العراق في وقته خالد بن عبد الله القسري؛ لأنه خرج في العراق وأضل خلقاً كثيراً، فاشتكى علماء أهل السنة إلى الأمير القسري فقتله بعد صلاة عيد النحر، ومشهور أنه قال:(ضحوا تقبل الله ضحاياكم، فإني مضحٍ بـ الجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، تعالى الله عما يقول الجعد علواً كبيراً.
ثم نزل فذبحه) .
يقول ابن القيم في نونيته: ولأجل ذا ضحى بجعد خالد القسري يوم ذبائح القربان إذ قال إبراهيم ليس خليله كلا ولا موسى الكليم الدان شكر الضحية كل صاحب سنة لله درك من أخي قربان القربان: هي الأضاحي، فجعله أضحية تقرب بذبحه إلى الله، فأقروه أهل السنة في زمانه، وهذا دليل على أن هذه المقالة كفرية؛ لأن مستلزماتها كثيرة.