إذا كان الإسلام والإيمان كمثل الشهادتين من شهد بإحداهما لزمته الأخرى، ومن أسلم لا يقبل منه إلا إذا أتى بالإيمان، فلا إيمان لمن لا إسلام له، ولا إسلام لمن لا إيمان له، ولكن قال تعالى:{قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات:١٤] فهنا أثبت الله سبحانه للأعراب الإسلام مع أنه سبحانه نفى عنهم الإيمان، فكيف نقول: إنه لا إسلام لمن لا إيمان له؟
الجواب
صحيح أن الله نفى عنهم الإيمان بقوله:{وَلَمَّا يَدْخُلْ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات:١٤] ، ولكن معلوم أنهم كانوا مبتدئين، ولابد أنهم سوف يتلقون تعاليم الإسلام والإيمان شيئاً فشيئاً، وسوف يسمعون الآيات والأدلة شيئاً فشيئاً إلى أن يقوى الإيمان في قلوبهم، وإلى أن يعرفوا ظواهر الأدلة، فعند ذلك يوصفون بالإيمان كما وصفوا بالإسلام، فهم في مبدأ أمرهم قالوا: آمنا، وهم إنما أسلموا ظاهراً، ولم يقم عندهم من الأدلة ما تقر به قلوبهم وتطمئن به إلى صحة ما جاء به الرسول، ولكن لا يزالون يتلقون الأدلة شيئاً فشيئاً إلى أن يصلوا إلى مرتبة الإيمان.
ومعلوم أن هناك من دخل في الإسلام عن اطمئنان، وكانوا مطمئنين به وموقنين به، فهؤلاء من حين دخلوا وهم مصدقون ومسلمون ومؤمنون، وهناك من دخل فيه ظاهراً، ولكنه أراد أن ينظر في عاقبته، فيكون مفكراً وناظراً، فهؤلاء مسلمون، ولعله يقوى الإيمان في قلوبهم، وهناك من دخل في الإسلام ظاهراً ولم يكن في قلوبهم محل للإيمان وهم المنافقون.