[إثبات الإسراء والمعراج من عقائد أهل السنة]
من عقائد أهل السنة الإيمان بأن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس في ليلة المعراج، وأن ذلك كان بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين أو نحوها، وكذلك من عقائدهم ثبوت الإسراء.
وقد ذكر الله تعالى الإسراء، قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلَاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء:١] أخبر في الحديث أنه أسري به، يعني: ذُهب به من مكة إلى أن وصل إلى المسجد الأقصى الذي هو مسجد إيلياء، المسجد الأقصى الذي هو الآن معروف.
هذا المسجد هو أحد المساجد الثلاثة، ويُعرف بالمسجد الأقصى، وهو قبلة النبي صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة، وبعد الهجرة أيضاً ظل يستقبله ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، فلذلك يقال: إنه أولى القبلتين.
ويقال: إنه مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) بمعنى أنه يجوز أن يسافر إليه لأجل فضل الصلاة فيه، فالصلاة فيه تعدل خمسمائة صلاة في غيره، والصلاة في المسجد النبوي تعدل ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام، والصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف كما ورد ذلك في الأحاديث، فهذه الثلاثة هي التي يُشد إليها الرحال.
فمسجد إيلياء يسمى مسجد بيت المقدس أو البيت المقدس الذي بناه سليمان عليه السلام، وقد قيل: إنه جدَّده.
وقيل: إنه أول من بناه.
والصحيح أنه بُني قديماً، ثبت في الحديث أنه عليه السلام سئل: (أي المساجد بُني أولاً؟ قال: المسجد الحرام.
قيل: ثم ماذا؟ قال: المسجد الأقصى.
قيل: كم بينهما؟ قال: أربعون عاماً) ، فدل على أنه بُني قديماً؛ لأن المسجد الحرام بناه إبراهيم، وقيل: إن إبراهيم جدَّده، فعلى هذا يكون المسجد الأقصى قديماً.
فالحاصل أنه عليه الصلاة والسلام أسري به ليلاً من المسجد الحرام، أي: من مكة إلى المسجد الأقصى، وأنه جُمع له الأنبياء هناك، وأنه أَمَّهم كما في بعض الروايات.
فأنكرت كفار قريش لما أخبرهم بأنه أسري به وكذبوه وقالوا: إن المسافر إلى بيت المقدس يذهب شهراًَ ويرجع شهراً، وأنت تذهب في ليلة وترجع في ليلتك؟! هذا كذب وهذا محال! حتى إن بعض من كان قد أسلم رجع عن الإسلام، ولكن لما قيل لـ أبي بكر: إن صاحبك زعم أنه الليلة وصل إلى الشام ورجع! فقال: صدق، إني أصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه أن خبر السماء ينزل عليه صباحاً ومساءً، فكيف لا أصدقه إذا أسري به إلى المسجد الأقصى ثم رُجِع به؟! وفي بعض الأحاديث أنه أتاه جبريل ومعه دابة يقال لها البراق، هذه الدابة هي كما خلق الله، وكان البراق يضع حافره عند منتهى طرْفه، فخطوته الواحدة مد البصر، يضع حافره عند منتهى طرْفه، أي أن سيره أسرع من لمحة البصر، فقطع هذه المسافة في هذه اللحظات، ووصل إلى هناك ثم رجع، وهذا هو الإسراء.