مشهور في كلام المتكلمين وصف الله بأنه قديم، بل عندهم أن القديم أخص أوصاف الله، ويعنون بذلك أنه الذي لم يتقدمه شيء، ولذلك فهم ينفون الصفات، ويقولون: إن تعدد الصفات يلزم منه تعدد القدماء، يعني: أن القديم واحد وهو الله، فلا يكون هناك قدماء غيره، فلو قيل: إن لله صفات لكانت أيضاً موصوفة بالقدم، أي فيقال: الله قديم وسمعه قديم وبصره قديم ونحو ذلك.
وقد أجاب أهل السنة عليهم بأجوبة منها: أولاً: أن لفظة القديم لا تدل على الأولية.
ثانياً: أن نفي الصفات لاستلزامها تعدد القدماء لا يلزم هذا الاستلزام؛ وذلك لأن القديم ليس بلفظ شرعي ولا لغوي، ولأن الله تعالى واحد بذاته وبصفاته، وأن الصفات من جملة الذات، فلا يكون في إثباتها تعدد.
وهاهو الشارح ينكر على هؤلاء الذين يقولون إن القديم من أسماء الله، ويذكر أن الاسم الصحيح الذي سمى الله به نفسه هو:{الأَوَّلُ وَالآخِرُ}[الحديد:٣] ، فأما القديم أو الأزلي فهي أسماء اصطلاحية، لا يلزم من الاصطلاح عليها ثبوتها.
قصدهم بالقديم عدم تقدم شيء عليه، وقصدهم بالأزلي أو بالدائم عدم إتيان الفناء عليه، ولو أتوا على هذه الآية أو على هذين الاسمين في هذه الآية وهما قول الله تعالى:{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ}[الحديد:٣] ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:(أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء) ، لكان ذلك كافياً، ولكان التفسير واضحاً، ولكانت الأسماء واقعة موقعها.