للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل العلم وشرفه]

العلم في الأصل أفضل من الجهل، وكل يحب الانتماء والانتساب إلى العلم، ويهرب ويربأ بنفسه أن ينسب إلى الجهل، والعلوم تتفاوت في الأهمية، فأهم العلوم هو العلم الذي يفقه به العبد دينه، فيعرف كيف يعبد ربه؛ بل يعرف ربه ويعرف دينه، فهذا هو أشرف وأفضل العلوم.

وطريق تعلمه وتحصيله سهل ويسير على من يسره الله عليه، وذلك لأن الله سبحانه لما أقام الحجة على عباده ببعثة الرسل وإنزال الكتب، تكفل بحفظ ذلك حتى لا يكون للمتأخر حجة كما لم تكن للمتقدم.

فيسر الله حفظ ذلك العلم الذي هو ميراث الأنبياء، حتى وصل إلى المتأخرين كما هو عند المتقدمين، ولكن حيث كان هناك أعداء لهذا الدين ولهذا العلم، فإن أولئك الأعداء قد حرصوا على أن يشوهوا سمعة هذا العلم الصحيح، وأن يلبسوا على أهله، وأن يرموهم بالعيوب، ولكن الله سبحانه حفظ شريعته وقيض لأولئك من يدفع شبههم، ويبين ضلالهم وخطأهم، فقيض الله أهل السنة الذين ساروا على نهج الرسل، وساروا على نهج الصحابة، وعرفوا -حتى عند الأعداء- بأنهم السائرون على طريقة السلف، أو بأنهم المتمسكون بالسنة، والفضل ما شهدت به الأعداء.

ولا شك أن من جملة العلوم التي حصل فيها شيء من الاشتباه والاختلاف هو علم العقيدة، الذي هو موضوعنا في هذه الدروس، ونأمل -إن شاء الله- أن قد فقهنا في أصل هذا العلم الذي هو علم الاعتقاد.

وبلا شك أن أصله معرفة الله تعالى المعرفة التي ينتج منها عبادته، وأن يترك ويعرض عن عبادة ما سواه، فإذا عرف الإنسان أهمية هذا العلم استطاع بعد ذلك أن يعرف مفرداته، وتفاصيله، حيث إنها موجودة ميسرة في متناول الأيدي، وقد يسر الله لها من اعتنى بها، فما على المسلم الذي يريد العلم الصحيح إلا أن يتناولها بالتعلم والتفقه ليعبد ربه على بصيرة.