قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قوله: (وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله) .
فإنهم كما قال تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ}[التغابن:٢] ، فمن هداه إلى الإيمان فبفضله وله الحمد، ومن أضله فبعدله وله الحمد، وسيأتي لهذا المعنى زيادة إيضاح إن شاء الله تعالى؛ فإن الشيخ رحمه الله لم يجمع الكلام في القدر في مكان واحد بل فرقه، فأتيت به على ترتيبه] .
قوله:(يتقلبون في مشيئته) يعني أن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن الله تعالى شاء من هؤلاء الإيمان وأحبه، وشاء من هؤلاء المعصية والكفر وقدره ولم يحبه، فأعمال أهل الطاعة قد شاءها كوناً وقدراً، وأمر بها ديناً وشرعاً، وأحبها ورضيها ووعد عليها بالثواب.
وأما معاصي الكفار وذنوبهم فإنه قد قدرها وشاءها كوناً وقدراً، ولو شاء الله ما عصي، قال تعالى:{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}[يونس:٩٩] ، {لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا}[الرعد:٣١] ، {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[السجدة:١٣] ، فلو شاء الله تعالى لأقبل بقلوبهم ولهداهم إلى الحق، ولكنه تعالى قدر أن هؤلاء محرومون وشاء منهم ما شاءه، فكلهم يتقلبون في مشيئته وفي إرادته، فإنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.