ساق الشارح رحمه الله قصة ابن السوداء الذي هو عبد الله بن سبأ، فذكر أنه أظهر محبة علي في أول الأمر، وأظهر نصرته، وهو منافق، دخل في الإسلام متستراً لأجل أن يفسد على المسلمين دينهم، بل وليفسد على المسلمين عقولهم، وكان يهودياً، ولما رأى الإسلام انتشر وتمكن غاظه ذلك أشد الغيظ، فعند ذلك فكر في حيلة يفسد بها على المسلمين عبادتهم وديانتهم، فأظهر التنسك، وأظهر التعبد، وأظهر التدين، وأظهر الصلاح، ثم أظهر محبة علي أول الأمر، وأظهر الثأر له، وسعى في الفتنة التي حصل بسببها قتل عثمان رضي الله عنه، فهو الذي أثار أولئك الثوار أو كثيراً منهم، وهو الذي نشر مساوئ لـ عثمان وأنه فعل وفعل، فجمع جموعاً من العراق وغيره، وسار مع الذين ساروا إلى أن حاصروا عثمان، وكانت النهاية أن قتل، ولما بويع علي رضي الله عنه أظهر أولاً موالاته، ثم بعد ذلك فكر في أن يفسد على أوليائه دينهم، فقال: إن علياً هو ربكم، إن علياً هو الله، فلماذا لا تعبدونه؟ اعبدوه كما تعبدون الله، وما قصده بذلك إلا أن يفسد عليهم دينهم، فصدقه خلق كثير من السبئية، ولما خرج علي مرةً سجدوا له، وقالوا: أنت إلهنا، أنت ربنا.
تعالى الله! فأنكر عليهم علي وقال: توبوا، أنا ابن امرأة تأكل القديد، أنا مولود وسوف أموت، كيف تجعلوني رباً؟! فقالوا: أنت إلهنا، فماذا فعل بهم؟ أحرقهم، خد لهم أخاديد، وجعل يستتيبهم فلا يقبلون ولا يتوبون، بل تمسكوا بمقالتهم، وقالوا: الآن عرفنا أنك الرب؛ لأنك تعذب بالنار، ولا يعذب بالنار إلا رب النار، فالآن عرفنا أنك إله، فصبروا على أن يحرقهم، وهو حرق مستمر إن شاء الله من نار الدنيا إلى نار الآخرة، وكان يحرقهم ويقول: لما رأيت الأمر أمراً منكراً أججت ناري ودعوت قنبراً وقنبر هو غلام له، فصاروا يدعونه وهو يحرقهم ويقذفهم في النار واحداً واحداً، فهؤلاء أول الغلاة، ولا يزال لهم ورثة يدعون أن علياً هو الله، حتى يقول قائلهم: أشهد أن لا إله إلا حيدرة الأنزع البطين حيدرة أي: علي، فيعني: لا إله إلا علي، تعالى الله! فمن إله الناس قبل علي؟! من إله الناس بعد علي؟! ولكنهم لا يعقلون.