للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توحيد الصوفية ليس هو التوحيد الذي دعت إليه الرسل]

نعرف أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل -حقاً- توحيد واحد ليس فيه فروع، وليس هناك توحيد خاصة وخاصة خاصة وعامة، بل الرسول دعا الناس كلهم إلى شيء واحد، وأمرهم بأن يتمسكوا به، وهو الإخلاص لله تعالى، بحيث يعبدونه ويتركون عبادة ما سواه بعد المعرفة، فأما هذا التقسيم الذي تدّعيه هذه الطوائف فإنه مبتدع، فالطائفة التي ادعت ذلك -وهم الصوفية- قسموا التوحيد إلى ثلاثة أقسام: فجعلوا كلمة لا إله إلا الله، توحيد العامة.

والخاصة كلمة: الله.

وخاصة الخاصة كلمة: هو.

من الذي سبقهم من الرسل إلى هذا التقسيم؟! لو كان حقاً لبينته الرسل لأممهم، فهذا يدل على أنهم لم يسبقوا إليه ولا دليل عليه.

ومع كونه لا دليل عليه فإنه يئول بسالكيه إلى الهلاك المعنوي، بحيث يضل صاحبه ويتيه، ويؤدي به إلى الحيرة والريب.

كثير من الذين خاضوا في هذا العلم أدى بهم ذلك إلى الشك وإلى الحيرة، ويأتينا إن شاء الله لذلك أمثلة في هذا الكتاب.

كذلك يؤدي بهم إلى طريقة أخطر من ذلك وهي طريقة الاتحاد، وهو مذهب باطل، وقد أشار إليه الشارح فيما سبق وهو مذهب الذين يجعلون الخالق متحداً بالمخلوق! يقال لهم: ما الدليل على ذلك؟ ومن الذي سبقكم إلى ذلك؟ فلا يجدون دليلاً ولا سابقاً من أهل العلم.

ويؤدي بهم أيضاً إلى طريق يسمونها الفناء، والفناء عندهم هو غاية المنازل، وأعلى المراتب، متى وصل إليها العارف -عندهم- وصل إلى حضيرة القدس! وهو الذي -في نظرهم- يهنأ بعبادته عن معبوده يهنأ بوجوده عن موجوده، بحيث يتلاشى عن نفسه ويفنى لخالقه كما يقولون، ولهم عبارات بشعة لا حاجة بنا إلى أن نعرفها، والجهل بها أولى؛ وذلك لأن تلك المعارف وتلك الشطحات التي وقعوا فيها سببها هذا الخوض، وهو الحصول على رتبة خاصة الخاصة.

فذكر المؤلف أن هذا طريق خطر، وأنه لا يجوز سلوكه.