ورد في وصف هذا الصراط أنه دحض مزلة تزل عنه الأقدام إلا من ثبته الله، وأنه أدق من الشعرة، وأحد من السيف الأبتر، وأن الناس يمرون عليه على قدر أعمالهم أو على قدر النور الذي أعطاهم الله، فمنهم من يكون نوره الذي أعطيه مثل الجبل، ولكن لا يضيء إلا له، ومنهم من يكون نوره أقل من ذلك، وبعضهم يعطى نوراً على رأس إبهام قدمه يضيء مرة ويطفأ مرة، إذا أضاء قدّم رجله وإذا طفئ وقف، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في وصف مرورهم على الصراط:(منهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كأجاويد الخيل والركاب، ومنهم من يعدو عدواً، ومنهم من يمشي مشياً، ومنهم من يزحف زحفاً، وعلى جنبتي الصراط كلاليب مثل شوك السعدان تخطف من أمرت بخطفه، فناج مسلم، ومخدوش، ومكردس في النار) ، هذه الكلاليب التي مثل شوك السعدان تخطف العصاة إذا مروا على هذا الصراط من أهل كبائر الذنوب ونحوهم، فإذا اختطفته وسقط وتكردس في النار عذب فيها بقدر عمله، أما الذين يعبرون على هذا الصراط إلى أن يتجاوزوه فأولئك هم الذين يحمدون العاقبة حتى ولو كان أحدهم يزحف زحفاً، ولكن في نهايته يرى أنه سلم، وأنه نجا فيحمد العاقبة، (ويقول إذا التفت إلى النار: الحمد الذي أنجاني منكِ، لقد أعطاني الله ما لم يعطه أحداً من العالمين) ، فاغتبط حيث نجا من عذاب النار التي عذابها شديد، وحرها شديد.
المؤمن يتذكر مثل هذه الأهوال فيستعد لها، ويذكر بها إخوانه الغافلين ليستعدوا لها، وليعلموا أنها حق ويقين، وأنه ليس بينك وبين هذا إلا خروج هذه الروح من هذا الجسد، ثم بعد ذلك تلاقي أول الحساب.